إسم الكتاب : المرتقى إلى الفقه الأرقى ( عدد الصفحات : 413)
لا يتقوم البيع باللزوم بل هو حكم عارض عليه . كما أنه ليس المراد به المعنى المراد بالذاتي في كتاب البرهان ، إذ العقد ليس بنحو يكفي وضع ذاته في انتزاع اللزوم ، إذ عرفت أن اللزوم حكم مجعول عارض عليه . وإنما المراد من كونه ذاتيا ، أن البيع - مثلا - بعنوانه الأولي وبما هو بيع محكوم باللزوم ويكون الحكم بالجواز عليه لطرو عنوان آخر عليه زائد على ذاته ، ككون المبيع حيوانيا وغير ذلك ، فهو نظير ما يقال : من أن الميتة بذاتها حرام ويعرض عليها الجواز بطرو عنوان الاضطرار عليها . وقد بينت الذاتية بنحو آخر وهو أن طبيعة العقد تقتضي اللزوم ثبوتا وهذا المعنى بظاهره واضح الاشكال ، إذ ليس البيع من الحقائق الخارجية ذات الطبع ، نظير الماء الذي يقال أن طبيعته البرودة ، والنار التي يقال إن طبيعتها الحرارة . وقد وجهه المحقق الأصفهاني ( رحمه الله ) [1] بما لا دليل عليه . ولذا رأينا الاعراض عنه أولى وايقاع الكلام فيما ذكرناه له من المعنى . وما ذكرناه واضح الاشكال ، وذلك لأن المقصود من ثبوت اللزوم للبيع - مثلا - بما هو ، وثبوت الجواز له بعنوان طار عليه . . إن كان ثبوته بهذا النحو ببناء العقلاء ، فيشكل بأن العرف ليس لهم بناءان عمليان أحدهما عام والآخر خاص ، إذ البناء العملي ليس إلا عملهم الخارجي ، ومن الواضح أن عملهم رأسا على اللزوم في غير موارد العيب - مثلا - ، وعملهم على الجواز في موارده . إذن ، فليس البيع في مورد العيب في ذاته لازما ، إذ البناء العملي على الجواز رأسا . وعليه ، فمع الشك في جواز عقد أو لزومه ليس لدينا قاعدة عامة تشخص لدينا حكمه .
[1] الأصفهاني ، الشيخ محمد حسين : حاشية المكاسب / كتاب الخيارات ، ص 4 ، الطبعة الأولى .