ثم إن الشيخ ( قدس سره ) ذكر أنه إذا جاز القلع ، فهل يجوز للمغبون مباشرة القلع أم له مطالبة المالك بالقلع ومع امتناعه يجبره الحاكم أو يقلعه ؟ وجوه ذكروها فيما لو دخلت أغصان شجر الجار إلى داره . ثم احتمل وجود الفرق بين المقامين بأن دخول الغصن في تلك المسألة إلى الدار ليس بفعل المالك بخلاف الغرس فيما نحن فيه فإنه بفعله فيكون الابقاء كذلك . وقد أفاد المحقق الأصفهاني ( رحمه الله ) [1] في تحقيق المسألة بأن الرجوع إلى الحاكم إما لفرض حق المغبون على الغابن والحاكم ولي الممتنع ، وإما لولاية الغابن على تصرف وضعي لازم عليه فإذا امتنع كان الحاكم قائما مقامه فيما له الولاية عليه ، وكلا الأمرين لا ثبوت له في المقام . أما الأول ، فلأنه لا حق للمغبون على الغابن في قلع الشجر بحيث يكون امتناعه عن القلع امتناعا عن الحق . وأما الثاني ، فلأنه ليس في المقام لزوم تصرف معاملي على الغابن بل لا يلزمه سوى قلع الشجر . وإلزامه من باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لا يختص بالحاكم الشرعي بل لكل مكلف ذلك . أقول : تحقيق المقام يقتضي أولا : معرفة أنه هل البقاء يعد فعلا من أفعال الغابن حتى يكون متعلقا لحكم تكليفي كالحرمة أو وضعي كاستحقاق المغبون عليه عدمه بالقلع ، أو أنه ليس فعلا من أفعاله فلا موضوع للحكم الوضعي أو التكليفي ، ولا موضوع لرفع أمره إلى الحاكم الشرعي لإجباره على القلع ؟ والذي يظهر من الشيخ ( قدس سره ) [2] والمحقق الأصفهاني ( رحمه الله ) [3] هو الأول ، ولعله لدعوى تمكنه من القلع ، فعدم القلع يكون إبقاء فيعد اشغالا للأرض . ولكن الحق هو الثاني ، لما أشرنا إليه قبل قليل في هذه المسألة من أن البقاء لا يعد فعلا للغابن وإن تمكن من القلع ، لأن مجرد التمكن من القلع مع عدم المانع شرعا
[1] الأصفهاني ، الشيخ محمد حسين : حاشية المكاسب / كتاب الخيارات ، ص 67 ، الطبعة الأولى . [2] الأنصاري ، الشيخ مرتضى : المكاسب ، ص 241 ، الطبعة الأولى . [3] الأصفهاني ، الشيخ محمد حسين : حاشية المكاسب / كتاب الخيارات ، ص 67 ، الطبعة الأولى .