غفلته عن هذه الجهة ، أو التزامه باختصاص خيار الغبن بالبيع وعدم شموله للصلح . وقد يورد على الشيخ ( قدس سره ) في التزامه بثبوت الخيار في الصلح بأن مبنى الصلح على التغابن والتجاوز عن الحق كي يتحقق الصلح والتفاهم بين الطرفين ، فلا معنى لثبوت الخيار فيه لو ظهر الغبن . واحتمل أن يكون قوله : " فتأمل " إشارة إلى ذلك ، كما احتملت وجوه آخر ذكرت في محلها . وفيه : أن الغرض في باب الصلح قد يكون مجرد المعاوضة المبنية على ملاحظة كل طرف مصلحته الشخصية ، وإنما لم يوقع العقد بيعا لأجل بعض الموانع كالتخلص من الربا ونحو ذلك ، فليس مبنى الصلح على التغابن . نعم الصلح في مقام التخاصم والنزاع مبتن على ذلك . ثم إنه يظهر منه ( قدس سره ) أن الغبن ههنا من جهة الجهل بعينه لا من جهة الجهل بمقدار ماليته كما هو ظاهر قوله : " إذ لا فرق في الغبن بين كونه للجهل بمقدار ماليته مع العلم بعينه وبين كونه لأجل الجهل بعينه " . ولكن يرد عليه ما أورده المحقق الأصفهاني ( رحمه الله ) [1] من : أن خصوصية المرتبة إن كانت ملحوظة بنحو المقومية - وبها يصح القول بأن الحق الناشئ من هذه المرتبة غير الحق الناشئ من تلك - لم يكن تخلف الخصوصية موجبا للخيار بل للبطلان . وإن لم تلحظ بنحو المقومية بل من الأوصاف الموجبة لاختلاف المالية ، كان الغبن لأجل الجهل بالمالية لا الجهل بالعين . فلاحظ . الجهة الثالثة : في اسقاط هذا الخيار بعد العقد قبل ظهور الغبن - بناء على أن ظهوره شرط شرعي في حدوث الخيار - . والمحاذير المتصورة في صحة مثل هذا الاسقاط ثلاثة : الأول : أنه اسقاط ما لم يجب ، إذ لم يثبت الخيار بعد ، فلا يصح إسقاطه . الثاني : أنه يتوقف على التعليق وهو موجب للبطلان في الانشائيات العقدية فضلا عن الايقاعات ، لاعتبار التنجيز فيها .
[1] الأصفهاني ، الشيخ محمد حسين : حاشية المكاسب / كتاب الخيارات ، ص 59 ، الطبعة الأولى .