من الصفات النفسية التي يمكن أن تعرف بواسطة آثارها المحسوسة . ونتيجة ما ذكرناه : أنه لا يلزم من عدم قبول قوله مع يمينه لو فرض أنه مدع تعطيل الدعوى وبقاء الخصومة . فتدبر . ثم إن المحقق الأصفهاني ( رحمه الله ) [1] أورد على الشيخ ( قدس سره ) ايرادا ومحصله : إن التمسك بأصالة عدم العلم إن كان في مقام بيان المدرك لقبول قوله بيمينه ، كما هو ظاهر كلامه . فهو غير وجيه ، لأن الأصل لا يكون فاصلا للنزاع بل هو يجري لتشخيص المدعي من المنكر ، ومدرك قبول قوله بيمينه أمر آخر . ويمكن دفع هذا الايراد بأن الشيخ ( قدس سره ) في مقام بيان مدرك تقديم قوله من باب أنه منكر ، فعلله بموافقة قوله الأصل . ومن الواضع تداول تعليل ثبوت الحكم المفروغ عنه بثبوت موضوعه بلا إشارة إلى دليله . فتدبر ، والأمر سهل . المقام الثاني : ما إذا كان مدعي الجهل من أهل الخبرة بحيث لا يتحقق منه الجهل بالقيمة إلا بسبب غفلة ونحوها . ولا يخفى أنه بحسب الموازين القضائية يكون مدعيا ، لمخالفة قوله الظاهر المقدم على الأصل . ولأجل ذلك ذهب في المسالك [2] والجامع [3] إلى عدم قبول قوله . ويمكن أن يكون المراد بعدم قبول قوله رد دعواه بالمرة وعدم سماعها ، نظير المقر عملا بالظاهر وبأصالة عدم الغفلة لأن جهله لا ينشأ عن غفلة ، كمن يدعي عدم قصد الانشاء في العقد . ويمكن أن يكون مرادهم كونه مدعيا فلا يقبل قوله بيمينه . وقد يدعى قبول قوله بيمينه وإن كان مدعيا ، نظير ما ذكر في القسم الأول من تعسر إقامة البينة عليه وعدم معرفة الحال إلا من قبله .
[1] الأصفهاني ، الشيخ محمد حسين : حاشية المكاسب / كتاب الخيارات ، ص 55 ، الطبعة الأولى . [2] الشهيد الثاني ، زين الدين : مسالك الأفهام ، ج 1 : ص 143 ، ط مؤسسة المعارف الاسلامية . [3] المحقق الكركي ، علي بن الحسين : جامع المقاصد ، ج 4 : ص 294 ، ط مؤسسة آل البيت ( ع ) .