والنص يقتضي الحرمة كما ذكرنا ، وأكثر العلماء على الحرمة ، وبعض الصحابة كانوا يقولون بالإباحة ، ولكن الأكثرون تابعوا رأي عمر ! واليه ذهب الأئمة الأربعة وسائر أصحاب الحديث . ومن اعترض من الصحابة على عمر لم يبلغه أن الأمر تقرر على الحرمة ، فأي ذنب يتصور فيه لعمر حتى يقول إنه فعل كبيرة ؟ ! نعوذ بالله من هذه الإعتقادات . ثم ما ذكر ( يقصد العلامة الحلي ( قدس سره ) ) في متعة الحج فقد ذكر نهي عمر وأنه نهى عن المتعة ، فان الإمام المجتهد أن يختار طريقا من الطرق المتعددة التي جوزها الشريعة . والحج ينعقد بثلاثة طرق بالإفراد والقران والتمتع ، فكان لعمر أن يختار القران والإفراد وينهى عن المتعة لمصلحة رآها وهذا لا ينافي كونه جائزا ، فان المباح قد يصير منهيا عنه لتضمنه أمرا مكروها وللإمام النهي عنه . وأيضا يحتمل أن عمر سمع من رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) شيئا في المتعة فعمل بما سمع هو بنفسه ، لأن الدليل عنده يقين ، وأمثال هذا لا يعد من الكبائر كما عده هذا الرجل وأساء الأدب [1] . أقول : ويرد على كلام القوشجي وروزبهان : أولا : يظهر أن بعض المخالفين للمتعة لم يبق عندهم موضع للدفاع ، وهذا هو آخر متراس يتترسون به ، وآخر سهم يرمونه من كبد القوس ، ولكنه سهم أخيب ، ويظهر من هذا القول أن كل المتاريس ( نسخ المتعة بالقرآن والسنة و . . . ) لا يمكن الاعتماد عليها ، وأن كل المحاولات المبذولة لمقابلة المجوزين باءت بالفشل والخسران ، وثبت لديهم أن نسائجهم أوهن من بيت العنكبوت ، وأن آيات الله أعظم وأجل وأرفع من أن يصبح ألعوبة بيد الأهواء ، " ذلك لأنهم كرهوا ما أنزل الله فأحبط
[1] دلائل الصدق القسم الثاني من 3 : 81 وقد كتب الفضل بن روزبهان كتاب ابطال الباطل للرد على كتاب نهج الحق للعلامة الحلي .