المناقشة الخامسة : يظهر من أقوال عمر بن الخطاب أنه نهى أو حرم متعة النساء نتيجة هياجه في واقعة فأفرط في كلامه ، ولكنه سرعان ما هدأت فورته بعد الاعتراض عليه حتى صرح بقوله : فالآن من شاء نكح بقبضة وفارق . . . وكما قال ابن حزم : وعن عمر بن الخطاب : أنه إنما أنكرها إذ لم يشهد عليها عدلان فقط ، وأباحها بشهادة عدلين [1] . فإساءة التصرف من البعض أغضبت الخليفة وجعلته يقابل حكم الله وأمر الرسول ( صلى الله عليه وآله ) وذلك لأمد قصير ولأنه بشر وغير معصوم فهو يخطأ ويصيب ويغضب ويرضى ويشتد ويفتر ويأمر وينهى أحيانا بخلاف ما أنزل الله وبعد فتوره يعود إلى رشده ثم يصحح كلامه . ومن هنا تتضح لنا فائدة العصمة وعظمتها في قوله تعالى " إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا " [2] وقوله تعالى : " أفمن يهدى إلى الحق أحق أن يتبع أم من لا يهدي الا أن يهدى فما لكم كيف تحكمون " [3] وقوله تعالى : " قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون " [4] . وقول الرسول الأعظم ( صلى الله عليه وآله ) : " إني مخلف فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي أهل بيتي ما إن تمسكتم بهما لن تضلوا بعدي أبدا " [5] وقوله ( صلى الله عليه وآله ) : " أهل بيتي كسفينة نوح من
[1] المحلى لابن حزم 9 / 520 . [2] الأحزاب : 33 . [3] يونس 35 . [4] الزمر : 9 . [5] الترمذي : 13 / 199 باب مناقب أهل بيت النبي ( صلى الله عليه وآله ) ، كنز العمال 1 / 48 ، صحيح مسلم باب فضائل علي بن أبي طالب ، مسند أحمد 4 / 366 ، سنن الدارمي 2 / 431 ، سنن البيهقي 2 / 148 و 7 / 30 ، الطحاوي في مشكل الآثار 4 / 368 ، أسد الغابة 2 / 12 في ترجمة الإمام الحسن ، الدر المنثور في تفسير آية المودة ، مستدرك الصحيحين وتلخيصه 3 / 109 ، خصائص النسائي : 30 ، صفحات ابن سعد 2 / ق 2 / 2 ، كنز العمال 1 / 47 وكتب أخرى نقلا عن معالم المدرستين ج 1 / 532 . وراجع كتاب الخطط السياسية لتوحيد الأمة الإسلامية للأستاذ المحامي أحمد حسين يعقوب : 164 .