نام کتاب : القضاء والشهادات نویسنده : الشيخ الأنصاري جلد : 1 صفحه : 277
وأما ثانيا ، فلأنه لو كان مراد الإمام عليه السلام من الفقرة هو وجوب الشهادة بمضمون الاستصحاب ، أعني تحقق الشئ في السابق وعدم العلم بمزيله في اللاحق لم يكن معنى لقول السائل بعد سماع هذا الجواب : " إن ابن أبي ليلى يحلفنا الغموس " إذ من الظاهر أن ابن أبي ليلى لم يكن ليحلف كل شاهد ، فلا بد أن يكون احلافه هنا من جهة الشهادة بالشئ جزما ، مع احتمال استناده في الواقع إلى الاستصحاب من غير أن يبين هذا المستند في شهادته . ولعمري إن هذا من أعظم الشواهد على أن ذلك كان شعارا وطريقة إما لجميع الناس ، فأبدعت القضاة لعنهم الله شيئا مخالفا لما هو مركوز في أذهان الناس من الشهادة والاخبار بمقتضى الاستصحاب من غير التنبيه عليه في الكلام . وإما لخصوص الشيعة ، فكان القاضي الخبيث يحتمل في أمثال هذه الشهادات منهم الاعتماد على الاستصحاب وكان يحلفهم ليطمئن قلبه النجس بعدم استنادهم في الشهادة إلى العلم بالواقع ، وكفى بهذا الوجه - أعني ركوز صحة الشهادة الاستصحابية في أذهان جميع الناس أو خصوص الشيعة ومخالفة العامة في ذلك - شاهدا على الصحة نظرا إلى ما تواتر من الأخذ بخلاف العامة [1] وبما اشتهر بين الأصحاب [2] . والحاصل ، أن من نظر إلى الرواية بنظر الانصاف ، ولاحظ القرائن الخارجية - ما ذكرنا وما لم نذكر - علم أنه ليس مراد الإمام عليه السلام
[1] الوسائل 18 : 75 ، الباب 9 من أبواب صفات القاضي . [2] عوالي اللآلي 4 : 133 ، الحديث 229 ، والمستدرك 17 : 303 ، الباب 9 ، الحديث 2 .
277
نام کتاب : القضاء والشهادات نویسنده : الشيخ الأنصاري جلد : 1 صفحه : 277