المتعاقبة بعينها لا أن للجزء الدماغي قوة إدراك تتعلق بهذه الادراكات كتعلق القوى الحسية بمعلوماتها الخارجية وانتزاعها منها صورا حسية ، فافهم ذلك . والكلام في كيفية حصول الثبات والبساطة في هذا المشهود الذي هو متغير متجزئ في نفسه كالكلام في حصول وحدته ، مع أن هذا الفرض أيضا - أعني أن يكون الادراكات الكثيرة المتوالية المتعاقبة مشعورة بشعور دماغي على نعت الوحدة - نفسه فرض غير صحيح ، فما شأن الدماغ والقوة التي فيه والشعور الذي لها والمعلوم الذي عندها ؟ ! وهي جميعا أمور مادية ، ومن شأن المادة والمادي الكثرة والتغير وقبول الانقسام ، وليس في هذه الصورة العلمية شئ من هذه الأوصاف والنعوت ، وليس غير المادة والمادي هناك شئ . وقولهم : إن الامر يشتبه على الحس أو القوة المدركة ، فيدرك الكثير المتجزي المتغير واحدا بسيطا ثابتا غلط واضح ، فإن الغلط والاشتباه من الأمور النسبية التي تحصل بالمقايسة والنسبة لا من الأمور النفسية ، مثال ذلك أنا نشاهد الأجرام العظيمة السماوية صغيرة كالنقاط البيض ونغلط في مشاهدتنا هذه على ما تبينه البراهين العلمية وكثير من مشاهدات حواسنا ، إلا أن هذه الأغلاط إنما تحصل وتوجد إذا قايسنا ما عند الحس مما في الخارج من واقع هذه المشهودات ، وأما ما عند الحس في نفسه فهو أمر واقعي كنقطة بيضاء لا معنى لكونه غلطا ألبتة . والامر فيما نحن فيه من هذا القبيل ، فإن حواسنا وقوانا المدركة إذا وجدت الأمور الكثيرة المتغيرة المتجزية على صفة الوحدة والثبات والبساطة كانت القوى المدركة غالطة في إدراكها مشتبهة في معلومها