وأما قولهم : إن الآنية المشهودة للانسان على صفة الوحدة هي عدة من الادراكات العصبية الواردة على المركز على التوالي وفي نهاية السرعة - ولها وحدة اجتماعية - فكلام لا محصل له ولا ينطبق عليه الشهود النفساني البتة ، وكأنهم ذهلوا عن شهودهم النفساني فعدلوا عنه إلى ورود المشهودات الحسية إلى الدماغ واشتغلوا بالبحث عما يلزم ذلك من الآثار التالية ، وليت شعري إذا فرض أن هناك أمورا كثيرة بحسب الواقع لا وحدة لها ألبتة ، وهذه الأمور الكثيرة التي هي الادراكات أمور مادية ليس ورائها شئ آخر إلا نفسها ، وأن الامر المشهود الذي هو النفس الواحدة هو عين هذه الادراكات الكثيرة ، فمن أين حصل هذا الواحد الذي لا نشاهد غيره ؟ ! ومن أين حصلت هذه الوحدة المشهودة فيها عيانا ؟ ! والذي ذكروه من وحدتها الاجتماعية كلام أشبه بالهزل منه بالجد ، فإن الواحد الاجتماعي هو كثير في الواقع من غير وحدة وإنما وحدتها في الحس أو الخيال - كالدار الواحد والخط الواحد مثلا - لا في نفسه ، والمفروض في محل كلامنا أن الادراكات والشعورات الكثيرة في نفسها هي شعور واحد عند نفسها ، فلازم قولهم : إن هذه الادراكات في نفسها كثيرة لا ترجع إلى وحدة أصلا ، وهي بعينها شعور واحد نفساني واقعا ، وليس هناك أمر آخر له هذه الادراكات الكثيرة فيدركها على نعت الوحدة كما يدرك الحاسة أو الخيال المحسوسات أو المخيلات الكثيرة المجتمعة على وصف الوحدة الاجتماعية ، فإن المفروض أن مجموع الادراكات الكثيرة في نفسها نفس الادراك النفساني الواحد في نفسه ، ولو قيل : إن المدرك هاهنا الجزء الدماغي يدرك الادراكات الكثيرة على نعت الوحدة . كان الاشكال بحاله ، فإن المفروض أن إدراك الجزء الدماغي نفس هذه الادراكات الكثيرة