وعن موضع من التهذيب : كل شئ يكون منه حرام وحلال . . . [1] . لكن الحديث لا يدل على المراد أما أولا فلاختصاصه بالشبهات الموضوعية ظاهرا دون الشبهات الحكمية التي منها المقام كما هو غير خفي ، وأما ثانيا فلانه من جملة ما دل على أصالة البراءة ، وهو أصل ينفي الحكم وليس بمثبت لحكم تكليفي ولا لحكم وضعي كما في المقام ، حيث يراد إثبات الملكية الاعتبارية . فان قلت : البراءة تنفي العقاب بأخذ الثمن وأكله - وهذا هو المقصود - وان لم تثبت الملكية . قلت : استصحاب عدم انتقال مال المشتري مقدم على البراءة ، وهو يقتضي حرمة التصرف في المال المذكور . وإذا بلغ الكلام إلى هذا فينبغي أن ندع الأصول العملية نتمسك باطلاق ما دل على صحة البيع والتجارة ، كقوله تعالى : ( أحل الله البيع وحرم الربا ) [2] ، وقوله تعالى : ( إلا أن تكون تجارة عن تراض ) [3] ، ولا يعتبر في المبيع إلا التمول أو الملك . قال الشيخ الأنصاري - قدس الله روحه الطيبة - في بحث شرائط العوضين من مكاسبه : يشترط في كل منهما كونه متمولا لان البيع لغة مبادلة مال بمال ، وقد احترزوا بهذا الشرط عمالا ينتفع به منفعة مقصودة للعقلاء محللة في الشرع : لان الأول ليس بمال عرفا كالخنافس والديدان . . . والثاني ليس بمال شرعا كالخمر والخنزير ، ثم قسموا عدم الانتفاع إلى ما
[1] ج 7 ص 226 . نسخة الكامبيوتر . [2] البقرة آية 275 . [3] النساء آية 29 .