أقول : الكسب المستتبع للمؤاخذة قد يكون بأعمال جوارحية وقد يكون بأفعال أو صفات قلبية كما يظهر مما ذكرناه في أول هذا البحث ، فما ذكره هذا القائل لا يعتمد عليه . ثم إن المنقول عن ابن سينا أنه رجح كون الادراك للقلب بمعنى أن دخالة الدماغ فيه دخالة الآلة ، فللقلب الادراك وللدماغ الوساطة [1] . أقول : وضعفه ظاهر ، وكم للفلاسفة تخرصات بالغيب وحدسيات باطلة وتحكمات بغير حق فهمناها من العلم الحديث المبني على الحس ، نعم هو حق إن بدلنا القلب بالروح . والمقام عندي من المشكلات ، ولا يهتدي فكري القاصر إلى فهم مراده تعالى من القلب ، فادعوه متضرعا وراجيا ، رب زدني علما وما كنا لنهتدي لولا أن هديتنا . ولب التحير أن نسبة الذوق والشم والسمع والبصر واللمس إلى الأعضاء الخمسة ظاهرة لأنها محال هذه الادراكات وإن لم تكن مدركاتها ، ولكن نسبة الأمور المتقدمة في أول هذا البحث إلى القلب العضلي غير صحيحة إلا إذا وجد بينه وبين الروح رابطة مصححة لنسبة أفعالها وصفاتها إليه ، وهذه الرابطة لم تثبتها العلوم التجريبية ولا البراهين العقلية لحد الآن ، والعلم في تطوره بعد ، والله العالم . نعم لا شك في وجود رابطة لائقة بين الروح والمخ كرابطة المصور