نام کتاب : الفقه على المذاهب الأربعة ومذهب أهل البيت ( ع ) نویسنده : الشيخ ياسر مازح جلد : 1 صفحه : 234
التي سيأتي بيانها ، وهو مشروع عند فقد الماء ، أو العجز عن استعماله لسبب من الأسباب الآتي بيانها ، وقد ثبتت مشروعيته بالكتاب والسنّة والإجماع . فأما الكتاب فقد قال تعالى * ( وإِنْ كُنْتُمْ مَرْضى أَوْ عَلى سَفَرٍ أَوْ جاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغائِطِ أَوْ لامَسْتُمُ النِّساءَ فَلَمْ تَجِدُوا ماءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وأَيْدِيكُمْ مِنْه ما يُرِيدُ الله لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ ) * ، فهذه الآية الكريمة قد دلت على أن التيمم شرع للناس عند عدم الماء : أو العجز عن استعماله ( 1 ) . وحكمة مشروعيته هي أن اللَّه سبحانه قد رفع عن المسلمين الحرج والمشقة فيما كلفهم به من العبادات ، وقد يقال : إن رفع الحرج يقتضي عدم التكليف بالتيمم عند فقد الماء ، أو العجز عن استعماله ، فتكليفهم بالتيمم فيه حرج أيضا وهذا قول فاسد ، لأن معنى رفع الحرج هو أن يكلفهم اللَّه سبحانه بما في طاقتهم ، فمن عجز عن الوضوء أو الغسل ، وقدر على التيمم ، فإنه يجب عليه أن يمتثل أمر اللَّه تعالى ، ولا يناجيه إلَّا بالكيفية التي بيّنها له ، لأن الغرض من العبادات جميعها إنما هو امتثال أمر اللَّه تعالى ، وإشعار القلوب بعظمته ، وأنه هو وحده الذي يقصد بالعبادة ، ثم إن بعض الأمور التي أمرنا أن نعبده بها لنا فيها مصلحة ظاهرة ، كالغسل - والوضوء ، والحركة في الصلاة ، والبعد عن الملاذ في الصيام ، ونحو ذلك من الأمور التي تنفع الأبدان ، وبعضها لنا فيه مصلحة باطنة ، وهو طهارة القلوب بامتثال أمره ، وهذه تقضي إلى المنافع الظاهرة ، لأن من خشي ربه وامتثل أمره حسنت علاقته مع الناس ، فسلموا من شره ، وانتفعوا بخيره ، وذلك ما يطالب به المرء في حياته الدنيا ، فامتثال الأوامر الإلهية خير ومصلحة المجتمع الإنساني في جميع الأحوال ، ومما لا ريب فيه أن التيمم إنما يفعل امتثالا له عزّ وجل ، فهو من وسائل طاعته الموجبة للسعادة . وقد يظن بعض من لا يفقه أغراض الشريعة الإسلامية التي تترتب عليها سعادة المجتمع ، وتهذيب أخلاق الناس أن التراب قد يكون ملوثا ( 2 ) - بالميكروبات - الضارة ، فمسح الوجه به ضرر لا نفع فيه ، والذي يقول هذا لم يفهم معنى التيمم ، ولم يدرك الغرض منه ، لأن الشارع قد اشترط أن يكون التراب طاهرا نظيفا ، ولم يشترط أن يأخذ التراب ، ويضعه على وجهه ، بل المفروض هو أن
234
نام کتاب : الفقه على المذاهب الأربعة ومذهب أهل البيت ( ع ) نویسنده : الشيخ ياسر مازح جلد : 1 صفحه : 234