الإصلاح فهو أكثر حرمة كما سبق . فليس معنى ذلك جواز الإفساد دون الإصلاح سابقا . والحاصل أنه ، باصطلاح الأصوليين ، من مفهوم اللقب الذي لا مفهوم له ، ولو كان له مفهوم فليس بحجة فتأمل . وقال سبحانه : * ( ثُمَّ بَعَثْنا مِنْ بَعْدِهِمْ مُوسى بِآياتِنا إِلى فِرْعَوْنَ ومَلَائِهِ فَظَلَمُوا بِها فَانْظُرْ كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ ) * [1] ففرعون وجماعته ظلموا بالآيات إذ لم يستفيدوا منها في تقويم حياتهم وتعديل طريقتهم وصارت عاقبة أمرهم الغرق والهلاك حيث قال سبحانه : * ( أُغْرِقُوا فَأُدْخِلُوا ناراً . ) * [2] فمن هنا كان الغرق ومن هناك كان دخولهم إلى نار جهنم . هذا من ناحية ومن ناحية أخرى نلاحظ أن فرعون وملأه ذهبوا بلا رجعة ، وكذلك مبادئهم ودولتهم أبيدت ولم يعودوا ثانية . وهذه مصر أصبحت قلعة للإسلام يقول شعبها لا إله إلَّا اللَّه محمد رسول اللَّه « صلَّى اللَّه عليه وآله وسلم » ، ولن تجد على أرضها من يزعم أن فرعون هو الإله الأعلى . وفي آية أخرى : * ( الَّذِينَ كَفَرُوا وصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ الله زِدْناهُمْ عَذاباً فَوْقَ الْعَذابِ بِما كانُوا يُفْسِدُونَ ) * [3] ، فهؤلاء سيعذبون بعذابين : عذاب العقيدة وعذاب الطريقة ، حيث قال سبحانه : * ( كَفَرُوا وصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ الله . ) * [4] .
[1] سورة الأعراف : الآية 103 . [2] سورة نوح : الآية 25 . [3] سورة النحل : الآية 88 . [4] سورة النساء : الآية 167 وسورة النحل : الآية 88 وسورة محمد : الآية 32 - 34 .