إيمانك ويقينك وكفرك وجحودك هي ميزانك وهي كتابك وهي حسابك وهي صراطك وهي جنتك وهي جحيمك واشهد ان الموت حق والنشور حق والصراط حق والميزان حق وكل ما في القرآن العظيم حق على ظاهره وحقيقته من غير تأويل ولا تبديل ولكن اشهد ان الموت حق ليس معناه والمراد منه ان الموت أمر واقع فتكون شهادة تافهة باردة لأنه أمر محسوس لا ينكره أحد بل المراد ان الموت حق لازم موافق للحكمة وحقيقة لا بد منها ولولا الموت لكان الكون وايجاد الخلق عبثاً وباطلاً [ أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لاَ تُرْجَعُونَ ] [1] فالموت والبعث والنشور والحساب والثواب والعقاب وكل ما ورد في الكتاب من المبدأ والمعاد وأحوال البرزخ بينهما وأحوال يوم القيامة بعدهما كله حق موافق للحكمة وضرورة لا بد منها في العناية الأزلية فالحياة والموت والبرزخ والقيامة والحشر والنشر والكتاب والحساب وهكذا كلها مراحل تطويها النفس الإنسانية لتصل إلى الغاية التي منها بدأت نازلة ثم تعود إليها صاعدة . تفكر وتدبر ، وأحسن التفكر والتدبر بقوله تعالى : [ الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ ] [2] وقوله عز شأنه : [ أَيَطْمَعُ كُلُّ امْرِئٍ مِنْهُمْ أَنْ يُدْخَلَ جَنَّةَ نَعِيمٍ كَلاّ إِنَّا خَلَقْنَاهُمْ مِمَّا يَعْلَمُونَ ] [3] وهذه الإشارة خير من الف عبارة ، فهذه النطفة القذرة كيف يصح لها ان تلتحق بعظمة جبروت الله وسعة ملكوته و
[1] سورة المؤمنون آية : 115 . [2] سورة الملك آية : 2 . [3] سورة المعارج آية : 38 - 39 .