وجود اندر كما خويش ساري است * تعينها امور اعتباري است امور اعتباري نيست موجود * عدد بسيار ويكجيز است معدود جه واحد كشته در اعداد ساري ومن هذا القبيل التمثيل بالشعلة الجوّالة التي ترسم دائرة نارية من سرعة حركتها وليست هي إلا تلك الشعلة الصغيرة . همه از وهم تو اين صورت غير * جه نقطه دائره است از سرعت سير والوجود واحد والموجود واحد له ظهورات وتطورات ، يترآئى انها كثرت وليست إلا الذات ومظاهر الأسماء والصفات وشؤون الجمال والجلال والقهر واللطف ؛ وقد رفع الكثير منهم حجب الأستار عن هذه الأسرار حتى ان محي الدين العربي [2] عبّر عن كل هذا بتغيير كلمة في البيت المشهور ( 3 ) :
( 1 ) أبو عبد الله محمد بن علي الحاتمي الطائي الأندلسي المكي الشامي صاحب كتاب الفتوحات المكية المعروف بين العرفاء ب ( الشيخ الأكبر ) توفي سنة ( 638 ) ه . [2] هذا البيت الذي نسبه سماحة شيخنا الإمام - متّعنا الله تعالى بطول بقائه - إلى الشهرة انما هو لأبي العتاهية الشاعر المعروف وهو أبو إسحاق إسماعيل بن القاسم بن سويد بن كيسان العنزي بالولاء العيني المولود 130 ه والمتوفي 210 أو 211 أو 213 ه ، والمدفون حيال قنطرة الزياتين في الجانب الغربي ببغداد . ويعد من مقدمي المولدين وفي طبقة بشار وأبي نؤاس وأمثالهما ونشأ في الكوفة وسكن بغداد . وعن الصولي انه كان يتشيّع بمذهب الزيدية التبرية . وروى انه جلس في دكان وراق فأخذ كتاباً فكتب على ظهره على البديهة ( من المتقارب ) : = ألا إننا كلنا بائد * وأي بني آدم خالد وبدءهم كان من ربهم * وكل إلى ربه عائد فيا عجباً كيف يعصى الإله * أم كيف يجحده الجاحد ولله في كل تحريكة * وفي كل تسكينة شاهد وفي كل شيء له آية * تدل على انه الواحد وفي نسخة : ( على انه واحد ) ولما انصرف اجتاز أبو نؤاس الشاعر الشيعي الشهير بالموضع فرأى الأبيات فقال : لمن هذا . فقيل له : لأبي العتاهية . فقال : لوددتها لي بجميع شعري . وروى صاحب الأغاني ان أبا العتاهية كان يرمى بالزندقة فجاء يوماً إلى الخليل بن أسد النوجشاني . فقال : زعم الناس إني زنديق والله ما ديني إلا التوحيد . فقال له الخليل : فقل شيئاً نتحدث به عنك . فقال الأبيات السابقة انظر إلى الأنوار الزاهية في ديوان أبي العتاهية المطبوع في بيروت ص 69 الطبعة الرابعة سنة ( 1914 ) م أقول : غير خفي على الباحث المنقب ان الرمي بالزندقة والكفر أو الغلو وما أشبه ذلك ناش في الأغلب من الحسد والحقد ومن افترآت الخصوم والمغرضين والمخالفين في المذهب والعقيدة ولا سيما في حق الشاعر الشيعي أو العالم الديني أو العارف الإلهي ولذا نجد بعد البحث والتنقيب وامعان النظر والتحليل الصحيح ان أكثر هذه الأقوال الشائنة في حق الرجال عارية من الصحة وخالية عن الحقيقة ولا قيمة لها عند المؤرّخ الباحث والمتحري للحقائق وقد رموا جمعاً كثيراً من أكابر الشيعة بالزندقة والغلو وأمثال هذه المفتريات وكلها من الهفوات والشطحات ومن التهاب نار البغضاء والعداوة في القلوب والأحقاد والسخائم في الصدور وحاشاهم ان يكونوا كذلك أو يقولوا ما يوجب ذلك . وحقاً أقول ان من العجيب ان الشهرة الكاذبة من الخصماء والأعداء والمغرضين في حق بعض رجال الدين ونشر الروايات الموضوعة في حقهم وذمهم وحطهم كانت بدرجة حتى صارت منشأ لاشتباه بعض علمائنا الرجاليين في حق بعض هؤلاء العظماء وذهولهم عن كيد الأعداء في حق هؤلاء الأتقياء كما اتفق ذلك في حق معلى بن خنيس الكوفي المدني ومحمد بن سنان الزاهري الخزاعي ومفضل بن عمر وجابر الجعفي وأمثالهم رضوان الله عليهم . ومعلى من أصحاب الإمام الصادق ( عليه السّلام ) وخواصه وصاحب سره ووكيله وأمينه في جباية الأموال وجمعها من شيعته وايصالها إليه وقد شهد الإمام له بالجنة وهو من اجلاء الشيعة وجلالته وزعامته بينه بمثابة لم تخف حتى على علماء أهل السنة فقد قال ابن حجر العسقلاني في ( لسان الميزان ) ج 6 ص 63 طبع حيد آباد ( معلى ابن خنيس الكوفي من كبار الروافض ) أمر بقتله داود بن علي العباسي وصلبه وفاز بالشهادة ونال السعادة ولم يصبر الإمام الصادق ( عليه السّلام ) على هذه الفاجعة حتى أمر ابنه إسماعيل بقتل قاتله وهو ( السيرافي ) صاحب شرطة داود ودعا الله تعالى على داود حتى أهلكه الله في ليلة واحدة ووردت الروايات الكثيرة عن الصادق ( عليه السّلام ) في شأنه وكونه صاحب سر الإمام ( عليه السّلام ) ولذا صرح المحققون من علمائنا الباحثين في علم الرجال ومنهم السيد بن طاووس والمجلسي الأول والمحقق البحراني والوحيد البهبهاني والشيخ عبد النبي الكاظمي وغيرهم قدس الله اسرارهم بجلالة قدره وعلو شأنه وقال شيخ الطائفة الشيخ أبي جعفر الطوسي ( قده ) في كتاب الغيبة ان المعلى كان من قوام أبي عبد الله ( عليه السّلام ) وكان محموداً عنده ومضى على منهاجه . وأيضاً صرح جمع منهم في نتيجة بحوثهم القيمة بتوثيقه وتعديله كالعلامة الأردبيلي في جامع الرواة والمجتهد المحقق شيخنا العلامة المقمقاني ( قده ) في تنقيح المقال فراجع تجد بحثاً علمياً ضافياً حول ترجمة الرجل ، ومن النغمات العجيبة والنزعات الممقوتة في القرن العشرين ما تفوه به بعض أهل عصرنا في حق المعلى حيث رماه بالمجوسية . غفرانك اللهم من هذا البهتان العظيم والأفك الصريح والجرأة العظيمة في حق خاصة الإمام ووكيله وقد أتى بهذا القول الشائن بعد القرون المتمادية رجماً بالغيب في حق رجل جليل بريء من هذه السفاسف والمفتريات . نعم ان حب الشيء يعمي ويصم حيث انه سوت له نفسه جرح رجل كبير من أعاظم الشيعة لإثبات بعض أغراضه ودعاويه الموقدة نار التفرقة بين المسلمين ، مع انهم عموماً والشيعة خصوصاً ، في أمس الحاجة اليوم إلى وحدة الكلمة ، ونبذ الفرقة ، وترك العداء ورفض الضغائن عصمنا الله تعالى عن التفوه بما يسخطه . ونظير هذه الأفترآت من أرباب الأغراض والأضغان - كما هو شأن الخصوم في كل عصر وزمان - ما اشتهر في حق أبي العتاهية حيث رموه بالزندقة حتى افهموا العامة والهمج الرعاع بهذا المعنى قال جامع ديوانه في مقدمته : ص 10 ( وكانت طبقته الأولى تعيبه حسداً له وبغضاً حتى قالوا انه لا يؤمن بالبعث وانه زنديق وان شعره ومواعظه انما هي في ذكر الموت وقد بان في شعره لمن طالعه وعنى بهم كذبهم وافتراؤهم لما فيه من ذكر التوحيد وذكر البعث والإقرار بالجنة والنار والوعد والوعيد ) فيا سبحان الله هل كان هذا التكفير في كل زمان والحكم في كل أوان بزندقة من تكلم في التوحيد وصفات الحق وآثار عظمة جلاله وجماله ؟ وهل يرمى في كل الأعصار من افصح بذكر الموت وتزكية النفس والزهد في الدنيا والأعراض عنها ، أو صدع بمناقب أهل بيت رسول الله ( ص ) بالتصوف ، أو الغلو ، أو الإلحاد ، أو في هذا العصر التعيس بالمجوسية السوداء ؟ واليك يا رب المشتكى . القاضي الطباطبائي