الأموال الطائلة قد صب عليهم البركة صبّاً وملأ جيوبهم بالنقود - فأوجب الأضاحي - تكميلاً للغاية ، واتساعاً في المنفعة واستقصاء في الأخذ بأسباب الجود وعموم الكرم ولعل هذا هو السر أو بعض المصالح والحكمة التي نظرت إليها العناية العليا والرعاية الأزلية حتى صارت القرابين والأضاحي من النواميس المقدسة في أكثر الشرائع والأديان ، وحثت على الاكثار منها ولان كان هذا بالغاً مرتبة الرجحان في سائر الأقطار والبلدان فهو الحجاز ولا سيما البيت الحرام ، وهو بواد غير ذي زرع ، ولا سبد ، ولا لبد ينبغي بل يلزم ن يكون بحد الوجوب ، وهكذا كان الأمر من لدن حكيم عليم ، نعم يلزم على أولياء الأمور في تلك المشاعر التنظيم والعناية بما يستوجب الانتفاع بتلك الذبائح ورفع مضارها أو بيع ما لا يمكن الانتفاع منه إلا بالاحتفاظ به بعمل وتدبير كجلودها وأصوافها فيلزم اصلاحه أولاً ثم بيعه وتوزيع ثمنه على الفقراء أو المصالح العامة بإجازة حاكم الشرع أو الحاكم العادل . ( السؤال التاسع ) كيف يمكن التوفيق بين قوله تعالى : [ ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا حِسَابَهُمْ ] [1] وقوله عليه الصلاة والسلام في زيارة الجامعة المشهورة : وحسابهم عليكم . ( الجواب ) هذا سهل واضح ، وما أكثر التوسع في لغة العرب وأنواع الكنايات والمجاز فتقول : بنى الأمير المدينة ، ونقول : بنى العمال المدينة . الأول تسبيباً وأشرافاً ، والثاني مباشرة وعملاً ، والله سبحانه هو الذي يأمر أنبياءه