ثم ان الشيخ البهائي رضوان الله عليه ذكر في آخر ( الأربعين ) جملة من اخبار المعاد والبرزخ وتجسيم الأعمال وعلق عليها تعاليق كلها تحقيق وتوفيق ، فمن تلك الأخبار الشريفة : ما رواه من الكافي من كتاب الجنائز عن الصادق سلام الله عليه أنّه سأل عن الميت يبلى جسده قال : نعم حتى لا يبقى له لحم ولا عظم إلا طينته التي خلق فيها فإنها لا تبلى بل تبقى مستديرة حتى يخلق منها كما خلق أوّل مرة أقول : ان كلامه سلام الله عليه هنا شبيه بما تقدم نقله في احتجاجه مع الزنديق حيث يقول الإمام ( عليه السّلام ) ان تراب الروحانيين بمنزلة الذهب في التراب فإذا كان حين البعث مطر الأرض مطر النشور فتربو الأرض ثم تمخض مخض السقاء فيصير تراب البشر كمصير الذهب من التراب إذا غسل بالماء والزبد من اللبن إذا مخض إلى آخره والشيخ ( قده ) لم يفسر الحديث المتقدم ولا ذكر شيئاً من المتأخر هنا بل انتقل إلى إشادة بناء تجسيم الأعمال وسرد الشواهد عليه والأدلة ، وينبغي أن يكون مآل الخبرين الشريفين إلى جوهرة واحدة هي انّ الجرثومة الأولى التي ينشأ شخص الانسان منها بنشوئها ونموها ويرتقي صاعداً من الجمادية إلى أقصى ما قدّر له من الكمال في الانسانية التي قد تعلو على الملكية كالبذرة التي تغرس في الأرض الطيبة فتنمو وتتصاعد حتى تثمر تمراً جنياً فصارت بعد الموت حياة ، وبعد الجمادية نامية ، وبعد الشحوب خضرة يانعة ثم إذا فارقته الحياة وخرجت منه الروح تتلاشى لحمه ودمه بل وكلّ شيء منه ولا يبقى في القبر إلا بذرته الأولى وجرثومته السابقة على بساطتها مستديرة على نفسها ، وابسط الأشكال هو المستدير ، ولكن