وأمّا ما ذكروه من إعراض المشهور ، ففيه : أنّه - بعد استناد الشيخ وأتباعه - لا وجه لذلك الادّعاء وإن كان مذكوراً في كلام بعض أكابر الفقهاء . وأمّا ما ذكروه من كونها معارضة بما ورد من النصّ والإجماع على رفع المؤاخذة عن الصبيّ ، ففيه : أنّ مدلول الخبر رفع قلم عقوبة البالغين وجزاء الكاملين ، لا رفع المؤاخذة ، وإلاّ كان التعزير بأدنى نحو وتقدير منافياً لذلك ، وهو كما ترى . فما أحسن ما قاله الشهيد الثاني : « ولا بُعد في تعيين الشارع نوعاً خاصّاً من التأديب ; لكونه لطفاً ، وإن شارك خطاب التكليف في بعض أفراده » [1] . وإن أبيت عن ذلك كلّه فنقول : حديث رفع القلم قانون كلّي شرعيّ قابل للتخصيص أو التقييد كسائر العمومات والإطلاقات ، فيقيّد بهذه الأخبار الكثيرة الصحيحة حفظاً لأُلفة المجتمع وحسماً لمادّة الفساد . ويمكن أن يقال : إنّ تعزير الصبيّ بما ورد في أخبار السرقة مناف لما رواه الكليني والصدوق بإسنادهما إلى طلحة بن زيد عن أبي عبد الله ( عليه السلام ) ، قال : « إنّ أولاد المسلمين موسومون عند الله شافع ومشفّع ، فإذا بلغوا اثنتي عشرة سنة كتبت لهم الحسنات ، فإذا بلغوا الحلم كتبت عليهم السيّئات » [2] . فإنّ المستفاد منه - بعد حمله على المذكور ; جمعاً بينه وبين أخبار بلوغ الجارية بتسع سنين - أنّ الصبيّ قبل البلوغ بالاحتلام مطلق العنان وليس
[1] الروضة البهية : كتاب الحدود / في السرقة ج 9 ص 223 . [2] وسائل الشيعة : باب 4 من أبواب مقدمة العبادات ح 1 ج 1 ص 42 .