أقول : في البحار كلام طويل عن الشيخ في دفع الشبهات ، منها : « على أنّا لو سلّمنا لخصومنا ما ادّعوه أنّه كان له عند المبعث سبع سنين ، لم يدلّ ذلك على صحّة ما ذهبوا إليه من أنّ إيمانه على وجه التلقين دون المعرفة واليقين ، وذلك أنّ صغر السنّ لا ينافي كمال العقل في الأحكام العقليّة باتّفاق أهل النظر والعقول ، وإنّما يراعى بلوغ الحلم في الأحكام الشرعيّة دون العقليّة ، وقد قال سبحانه في قصّة يحيى : ( وآتيناه الحكم صبيّاً ) [1] وقال في قصّة عيسى : ( فأشارت إليه قالوا كيف نكلّم من كان في المهد صبيّاً * قال إنّي عبد الله آتاني الكتاب وجعلني نبيّاً * وجعلني مباركاً أينما كنت وأوصاني بالصلاة والزكاة ما دمت حيّاً ) [2] فلم ينفِ صغر سنّ هذين النبيّين ( عليهما السلام ) كمال عقلهما أو الحكمة التي آتاهما الله سبحانه ، ولو كانت العقول تحيل ذلك لأحالته في كلّ أحد وعلى كلّ حال » [3] . أقول : محصّل ما نقلناه في الإشكال إلى هنا : أنّ أمير المؤمنين ( عليه السلام ) وإن كان أوّل من آمن وأسلم وصلّى مع النبيّ ، إلاّ أنّه لا اعتبار بإيمانه وإسلامه وصلاته ; لكونه طفلا والطفل مسلوب العبارة ، وهذا بخلاف أبي بكر وعمر وأضرابهما من البالغين الكاملين . كما أنّ محصّل الجواب : أنّه كان بالغاً وإن كان سنّه عشر سنين ; لأنّ المراد من البلوغ وصول الصبيّ إلى حدّ الاحتلام ، وهو يختلف باختلاف
[1] مريم : 12 . [2] مريم : 29 - 31 . [3] بحار الأنوار : باب 65 من أبواب تاريخ أمير المؤمنين ( عليه السلام ) ج 38 ص 281 .