إدراك الصواب ، وشرط أيضاً في صحّة تعلّق العبادات السمعيّات ، وإن كان أكثرها يسقط عمّن لم يبلغ الاحتلام ، ولا يعلم سقوطه إلاّ من جهة السمع الوارد دون ما سواه . ولم يكن المشروع كلّه حاصلا في ابتداء البعثة ولا أتى الوحي وقت إسلام أمير المؤمنين لجميع العبادات السمعيّة ، فيعلم ما هو لازم لمن لم يبلغ ممّا هو غير لازم ، وأمّا التكليف الواجب في العقول فلا يجوز أن يسقط عمّن له عقل ، فحصول العقل إذن هو بلوغ حدّ التكليف ، وقد بيّنّا أنّ أمير المؤمنين كان كامل العقل وهو ابن عشر سنين ، فلزمته المعرفة بالله والرسول وبجميع ما يوجب معرفته بالعقول » [1] . ومنهم : العلاّمة المجلسي ( محمّد باقر بن محمّد تقي المتوفّى سنة 1111 ه ق ) فقال : « الذي ظهر لنا من تتبّع الأخبار المنتمية إلى الأئمّة الأطهار الأبرار - سلام الله عليهم - هو أنّ الله خلق في كلّ شخص من أشخاص المكلّفين قوّةً واستعداداً لإدراك الأُمور من المضارّ والمنافع وغيرها على اختلاف كثير بينهم فيها ، وأقلّ درجاتها مناط التكليف ، وبها يتميّز عن المجانين ، وباختلاف درجاتها تتفاوت التكاليف ، فكلّما كانت هذه القوّة أكمل كانت التكاليف أشقّ وأكثر » [2] . ومنهم : المحقّق أحمد بن محمّد مهدي النراقي ( المتوفّى سنة 1245 ه ق ) في كتاب عوائد الأيّام فقال : « لا خلاف بين المسلمين في اشتراط التكليف بالواجب والحرام بالبلوغ ، وأمّا بالمندوب والمكروه فلم يظهر فيه إجماع ، بل
[1] كنز الفوائد : فصل في البلوغ ج 1 ص 277 - 278 . [2] مرآة العقول : كتاب العقل والجهل ذيل ح 1 ج 1 ص 25 - 26 .