الشيعة في فنون الإسلام [1] . هذا إذا كان المراد من العقل الشعور الباطني على وجه فسّرناه سابقاً ، وأمّا إن كان المراد به تطابق العقلاء واتّفاقهم على الحسن والقبح فكثير من الأحكام الشرعيّة ليس على وجه يدركها العقلاء ، فكيف باتّفاقهم على رأي والعمل على طبقه ؟ ! وبالجملة : الملازمة غير تامّة في العكس على الوجه الكلّي ، وأمّا على وجه جزئي فلا مجال لإنكاره ، كما أنّ الملازمة الكليّة صحيحة على وجه التعليق ، ويدلّ على ما ذكرناه : ما مرّ من كلام أمير المؤمنين ( عليه السلام ) في عهده إلى ابنه الإمام المجتبى ( عليه السلام ) من قوله : « فإنّه لم يأمرك إلاّ بحسن ولم ينهك إلاّ عن قبيح » [2][3] . والعجب من بعض تلامذة المحقّق الأنصاري ممّا ذكره في رسالة ألّفها في قاعدة الملازمة - وأدرجها الكاتب في كتاب مطارح الأنظار ، فاشتبه الأمر
[1] ففي صفحة 93 من الكتاب المذكور : « فلولا ما ورد النص به من تنزيل كتاب الله تعالى ، وما أبان رسوله وفسّره لنا وأبانه الأثر وصحيح الخبر لقوم آخرين ، لم يكن لأحد من الناس المأمورين بأداء الفرائض أن يوجب ذلك بعقله . . . ولو خلّينا بين عقولنا وبين هذه الفرائض لم يصحّ فعل ذلك كلّه بالعقل على مجرّده . . . ولو جاز ذلك وصحّ لاستغنينا عن إرسال الرسل إلينا بالأمر والنهي منه تعالى » . [2] نهج البلاغة : الكتاب 31 . [3] ومثله كلام عقيلة بني هاشم السيّدة زينب ( عليها السلام ) في جواب عبيد الله بن زياد بعدما قال لها : « كيف رأيت صنع الله بأخيك ؟ » فقالت : « ما رأيت إلاّ جميلاً » ( اللهوف : ص 67 ) أي أنّ الذي يشاءه الله في نظامي التكوين والتشريع لا يكون عند من تربّى في حجور التوحيد إلاّ جميلا .