الأخباريّين - وغيره صرّحوا بأنّ الدليل العقلي المفيد للظنّ لا اعتبار به ، ولا يجوز التمسّك به من غير تأييده من المعصومين ، ولا دلالة صريحة في كلامه على عدم الاعتبار بالدليل العقلي القطعي ، نعم بعض كلامه يوهم ذلك ، ولكنّ العبرة بمجموع الكلام وردّ المتشابه إلى المحكم من أفكاره وآرائه . ولقد أجاد المحقّق الخراساني فيما أفاده في هذا المقام بقوله : « وبالجملة : القطع فيما كان موضوعاً عقلا لا يكاد يتفاوت من حيث القاطع ، ولا من حيث المورد ، ولا من حيث السبب : لا عقلا وهو واضح ، ولا شرعاً لما عرفت من أنّه لا تناله يد الجعل نفياً ولا إثباتاً ، وإن نسب إلى بعض الأخباريّين أنّه لا اعتبار بما إذا كان بمقدّمات عقليّة ، إلاّ أنّ مراجعة كلماتهم لا تساعد على هذه النسبة ، بل تشهد بكذبها وأنّها إنّما تكون : إمّا في مقام منع الملازمة بين حكم العقل بوجوب شيء وحكم الشرع بوجوبه . . . وإمّا في مقام عدم جواز الاعتماد على المقدّمات العقليّة لأنّها لا تفيد إلاّ الظنّ ، كما هو صريح المحدّث الأمين الأسترآبادي ( رحمه الله ) » [1] . أقول : وكيف يجوز أن ينسب إليهم عدم الاعتبار بالدليل العقلي مع ما عرفته من رؤساء المحدّثين - مثل الكليني والمجلسي وصاحب الوسائل وأضرابهم - من تصدير كتبهم بالعقل وذكرهم أحاديث كثيرة دالّة على أنّ العقل حجّة باطنة وبه يعرف الرحمن ويكتسب به الجنان ، نعم إنّهم يقولون : لا اعتبار بالظنون المختلقة في صورة القياس والاستحسان في كشف الأحكام وملاكاتها ، وبما ذكرناه يرتفع النزاع ويتّحد النداء ، ولا اعتبار بإفراط فئة