حكمه ثبوتاً لا زوالا [1] . أقول : أمّا في السفه المتّصل بالصِّغر فالأقوى عدم احتياجه إلى حكم الحاكم ; لظهور قوله تعالى : ( ولا تؤتوا السفهاء أموالكم ) وهكذا قوله : ( فإن آنستم منهم رشداً فادفعوا إليهم أموالهم ) في ذلك ; فإنّ المفهوم منهما عدم دفع الأموال إذا لم يحرز الرشد من دون توقّف على إذن الحاكم ، وأمّا في السفه الطارئ بعد البلوغ ودفع الأموال فاحتياجه إلى حكمه أحوط ، بل هو الأقوى ; لعمومات الأدلّة ، ومع التنزّل عنها يكفي استصحاب السلطنة السابقة . 3 - إطلاق رواية عبد الله بن سنان : « إلاّ أن يكون سفيهاً أو ضعيفاً » يقتضي عدم نفوذ أمر السفيه في شأن من الشؤون : عقداً أو إيقاعاً أو إقراراً أو وكالةً ونيابةً ، إلاّ ما خرج سابقاً بدليل ، فإنّه مانع عن انعقاد الإطلاق كما لا يخفى . وعليه فلا يجوز له تصدّي الأُمور الإداريّة بشتّى جوانبها ونواحيها ، فلا يجوز أن يكون رئيساً أو وزيراً للدولة الإسلاميّة ، أو رئيساً للدوائر ، أو والياً على الأصاغر والأكابر ، بل لا يجوز له أن يستقلّ بتدبير المنازل ، وأن يشارك في المؤتمرات العامّة ، ولا اعتبار لرأيه في انتخاب الهيئة المديرة في المجامع الاقتصاديّة والمشاركات التجاريّة ، فكيف بانتخاب رئاسة الجمهوريّة ونوّاب المجالس التقنينيّة ، كما يأبى ذلك كلّه ارتكاز العقلاء وترفضه سيرة الحكماء . وبالجملة : لا بدّ في كلّ شأن من الشؤون الإداريّة والاقتصاديّة والسياسيّة أن يكون المباشر عاقلا وأهلا لذلك الشأن ، والأهليّة تكون بالرشد في ذلك ومعرفة جوانبه .
[1] تحرير الوسيلة : كتاب الحجر / القول في السفه ج 2 ص 14 .