إسم الكتاب : العقل والبلوغ ( عند الإمامية ) ( عدد الصفحات : 184)
فتحصّل من جميع ما ذكرناه : أ : أنّ الأحكام العقليّة - من قبيل : لزوم دفع الضرر المحتمل ، وشكر المنعم ، وتحصيل المعرفة بالله وأنبيائه والإيمان بهم ، وإطاعتهم ، والاجتناب عن الكفر بهم ، وعصيان أوامرهم ، والتحلّي بالأخلاق الحسنة ، وإقامة العدل والإحسان ، والتحرّز عن رذائل الأخلاق والأُمور القبيحة . . . وأمثال ذلك - مشروطة بالعقل في أدنى مراحله ، والقدرة في أنقص مراتبها ، ولا دليل على اشتراطها بالبلوغ وعلائمه . ب : أنّ المشهور أنّ الأحكام الشرعيّة العباديّة مشروطة بالعقل والقدرة والبلوغ ، ولكنّ الحقّ - الذي يستفاد من الأدلّة الشرعيّة كتاباً وسنّةً - رفع قلم المؤاخذة في ترك الواجبات وفعل المحرّمات تفضّلا وامتناناً ; ولذا كانت عبادات الصبيان مشروعة وفاقاً لما يظهر من أعلام الأساطين . ج : أنّ العقود والإيقاعات من الأُمور المحتاجة إلى القصد وإعمال الإرادة ، ولا تصحّ من الصغير غير المميّز ، وأمّا صدورها من المميّزين فالمشهور بين فقهائنا هو البطلان ، ولكن إن تمّ الإجماع فنحن نتابعهم ، وإن لم يتمّ - كما هو ليس ببعيد - فمقتضى العمومات والإطلاقات صحّة معاملاتهم ومعاهداتهم إذا بلغوا حدّ العقل وحصل لهم الرشد ، وعلى فرض الإجماع على الفساد كان المتيقّن منه الحكم بالبطلان إذا أقدموا على وجه الاستقلال ، وعليه لا وجه للبطلان إذا راقبهم الأولياء أو صاروا وكلاء في إجراء الصيغة ، ولا سيّما في الأُمور اليسيرة والأشياء الحقيرة التي جرت سيرة المتشرّعة على الإقدام عليها قديماً وحديثاً .