الشيخ الأعظم في الرسائل والمحقّق الخراساني في الكفاية البحث عن تلك القاعدة مع شهرتها وقدمها بين المسلمين . في عكس القاعدة [1] : قد عرفت أنّ المحقّق القمّي فسّر قاعدة الملازمة بقوله : « إنّ كلّ ما حكم به العقل حكم به الشرع ، وإنّ كلّ ما حكم به الشرع حكم به العقل » فلا بدّ من الكلام في عكس القاعدة أيضاً . فأقول : بعد علْمنا بحكمة الشارع وعلمه ، وأنّ الأحكام تابعة للمصالح والمفاسد والخصوصيّات التي تجعله حسناً أو قبيحاً في الواقع ، نعلم إجمالا أنّ العكس يكون صادقاً ولو لم نعلم مناط الصدق على وجه التفصيل ، إلاّ أنّ تلك الملازمة تعليقيّة لا فعليّة ، إذ الملازمة الفعليّة على وجه كلّي خلاف الوجدان ، نعم في بعض الموارد الأمر يكون كذلك ، نظير أمره بالدفاع وحكمه بلزوم اعتناق مكارم الأخلاق والاجتناب عن مساوئها ، فعلى هذا يكون مفاد العكس : كلّ ما حكم به الشرع حكم به العقل على سبيل التقدير والتعليق ، لا على وجه التنجيز ، وقد مرّ ما في نهج البلاغة من قوله ( عليه السلام ) لابنه الإمام الحسن ( عليه السلام ) : « فإنّه لم يأمرك إلاّ بحسن ولم ينهك إلاّ عن قبيح » [2] .
[1] عكس القاعدة بمعناه المنطقي قضية جزئية ، وهي : بعض ما حكم به الشرع حكم به العقل ، والمتعاكسان متلازمان في الصدق كما بيّن في محلّه ، وأمّا المراد من العكس في المقام فهو معناه العرفي وهو كل ما حكم به الشرع حكم به العقل ، وصدق العكس بهذا المعنى يحتاج إلى إقامة البرهان . [2] نهج البلاغة : الكتاب 31 .