كان على الشارع البيان والإعلان ، كما أعلن ذلك في العمل بالقياس والاستحسانات ، فمن عدم التخطئة يستكشف موافقته لما حكم به العقل وبنى عليه العقلاء ، وقد مرّ أنّ مجرّد السابقة لدى العقول لا يوجب أن يكون بيانه للإرشاد إلاّ أن يكون في أمره ونهيه محذور عقلي من الاستحالة واللغويّة ، فلو كان لمجرّد درك العقل وحكمه لزوم الحمل على الإرشاد لا يكون للأحكام التأكيديّة والتأييديّة وجه ومجال . الأمر التاسع : في ظهور خطأ المجتهد في الملازمة : إنّ الملازمة بين الحكمين وإن كانت عند المجتهد ملازمة واقعيّة ، ولكن لا يكون نظره مغيّراً للواقع وموجباً للعقوبة ، وعليه إذا ظهر الخلاف وبان أنّ الواقع على خلاف ما اعتقده ، لا يكون مجرّد نظره وحكمه بالملازمة موجباً للإجزاء ، ولعلّ كلام صاحب الفصول - من إنكار الملازمة واقعاً واختيارها ظاهراً - ناظر إلى ما ذكرناه ، وعليه لا يتوجّه إليه الإشكال ولا وجه للقيل والقال . إذا عرفت ما تلوناه وتدبّرت ما سطرناه بان لك ثبوت الملازمة إلاّ فيما لا يمكن فيه المولويّة ; لاستلزام المحال أو اللغويّة في فعل الحكيم ، أو يكون ما عدّه عقلا : وهماً وخيالا كما في القياس والاستحسان ونحوهما . والدليل على وجود الملازمة في صورة إدراك الملاك من المصلحة والمفسدة : ما ذكره في كشف الغطاء من أنّه لولا ذلك لزم انفكاك المعلول وما بحكمه من العلّة التامّة ، وهو محال ، وهكذا في المستقلاّت العقليّة مثل حسن