العدل وشكر المنعم وقبح الظلم ; لعدم جواز التخصيص في العقليّات ، فما كان ظلماً عقلا لا ينقلب عمّا هو عليه ، وهذا واضح جدّاً ، والمهمّ ردّ الإيرادات التي أوردوها : فمنها : أنّ العقل يخطئ ، فلا يلزم موافقة الشارع لما فيه الخطأ . وفيه : أنّ ذلك خارج عن محلّ البحث ; لأنّ محلّ البحث فيما أُحرز عدم الخطأ على سبيل البتّ والقطع . ومنها : ما أورده الفخر الرازي من أنّ استحقاق المدح والذمّ عند العقلاء كافّة غير مسلّم ; بشهادة خلاف الأشاعرة وأعيان المعتزلة كما ذكره الزركشي ، وأمّا عند المجتهد فيلزم منه الجمع بين المتناقضات . وفيه : أنّ هذا على مذاق من فسّر الحسن والقبح بتطابق العقلاء على المدح والذمّ وأنكر واقعيّة ذلك في نفس الأمر ، وأمّا عندنا - على ما مرّ في المقدّمات - فالإنسان بشعوره الفطري ووجدانه القدسي يرى العدل ممّا فيه الأجر والمدح والثواب ، والظلم ممّا فيه الذمّ والعقاب ، والفطريّات من اليقينيّات التي لا يشوبها الاختلاف ، والاختلاف في تطبيق العنوان على المصاديق لا في أصل العدل والظلم . ومنها : ما حكي عن السيّد صدر الدين الرضوي القمّي - وهو من أعيان العلماء ، وكان من أساتذة المحقّق البهبهاني ، ويعبّر عنه بالسيّد السند ، وقد توفّي سنة ( 1160 ه ق ) - ومحصّل كلامه : « أنّ الحكم الشرعي متقوّم بالخطاب ، ومجرّد الموافقة لما يراه العقل - وهكذا إرادته من المكلّف أن يفعل