المحمودة والتأديبات الصلاحيّة ، وهي آراء لو خلّي الإنسان وعقله المجرّد ووهمه وحسّه ، ولم يؤدّب لقبول قضاياها والاعتراف بها ، لم يقض بها الإنسان طاعةً لعقله المجرّد أو حسّه أو وهمه ، فإن كان الأمر كذلك كان حسن العدل معناه اتّفاق تمام العقلاء على لزوم فعله ، وفي رأسهم الشارع المقدّس الذي هو خالق العقلاء ورئيسهم ، وهكذا قبح الظلم معناه اتّفاق العقلاء - ومنهم الشارع - على لزوم الاجتناب عنه . وهذا الكلام منهم نظير ما ذكره الفقهاء في الإجماعات الدخوليّة من أنّ الإجماع المذكور متضمّن لقول المعصوم ، فعلى هذا يكون لفظ القاعدتين متعدّداً ومعناهما واحداً . ثمّ قال الشيخ المظفّر : « والعجب من صاحب الفصول ومن وافقه : من قبول قاعدة التحسين والتقبيح مع إنكارهم قاعدة الملازمة ، مع أنّهما قاعدة واحدة لا يقبل التفكيك بينهما ؟ ! » . وفيه أوّلا : أنّ تلك المقالة تبدّل فيها دليل العقل ببناء العقلاء ، وهو خلاف ما كنّا بصدده من دليل العقل ومدى تأثيره في الفقه والأُصول . وثانياً : أنّها مخالفة للوجدان ; فإنّا نجد من أنفسنا قبح الظلم وحسن العدل والإحسان ولو لم يكن في العالم اجتماع الآحاد ، فضلا عن توافقهم في الأفكار . وبالجملة : حسن العدل وقبح الظلم وأمثالهما - بجميع المعاني حتّى بمعنى استحقاق المدح والذمّ - من الأُمور الوجدانيّة التي لا خفاء فيها ; فإنّا كما نجد أنّ للحواسّ الظاهرة ملائمات ومنافرات - مثل تلاؤم الغناء