والسبحاني ) في تأريخ المسألة نشأ عن الخلط بين تأريخ النزاع في المسألة وبين طرحها وحدوثها . وأعجب من ذلك ما حكاه بعض أصدقائي عن بعض المعاصرين من علماء الحقوق من « أنّ القاعدتين - الحسن والقبح ، والملازمة - وأكثر مسائل أُصول الفقه من المسائل الدخيلة الإسرائيليّة التي دخلت في علم أُصول الفقه من طريق مذهب الاعتزال » . أقول : لمّا كان الإنسان العاقل المختار مسؤولا في قبال أقواله وأفعاله ، فنطلب من قائل هذه المقالة الدليل والبرهان على ما قاله ، وحيث لم يذكر فيما رأيته دليلا على ذلك فنحن نودّعه بما علّمنا القرآن . . . [1] . ثمّ اعلم أنّه قد استقرّ مذهب العامّة في مجال الفروع الفقهيّة على المذاهب الأربعة المعروفة ( الحنفي ، المالكي ، الشافعي ، الحنبلي ) بعد المائة السادسة من الهجرة النبويّة . وأمّا في الأُصول الاعتقاديّة فقد استقرّ رأيهم على عقيدة المعتزلة والأشاعرة والماتريديّة [2] ، والمستفاد من كلام الشهرستاني في كتاب الملل والنحل أنّ المعتزلة وإن كانوا فرقاً مختلفة إلاّ أنّهم قد اتّفقوا على أُمور :
[1] قاعدة الملازمة للسيّد علي أصغر الموسوي الركني نقلا عن تاريخ المعتزلة للدكتور محمد جعفر جعفري اللنگرودى : ص 87 . [2] هم أصحاب أبي منصور محمد بن محمود الحنفي الماتريدي ( المتوفى 333 ه ق ) وهم يخالفون الأشاعرة في بعض العقائد منها قاعدة الملازمة مع اعترافهم بقاعدة الحسن والقبح وأكثر الحنفيّة في بلاد ما وراء النهر على مذهب الماتريديّة راجع كتاب إحقاق الحق : ج 1 ص 144 و 167 .