بناء الخلفاء على ضرب نقودهم على خصوص هذين الوزنين مستمرا ، كما يشهد لذلك وجود التفاوت اليسير ، والفاحش بين أوزان كثير من مسكوكاتهم ، وربما يكون فيها ما هو موافق لوزنهما أو مخالف له بقليل لا يعتد به . ومما يدل على هذا التفاوت وعدم ذاك البناء هو ملاحظة جملة منها التي ضربت على وزن يزيد عن وزنهما الشرعي قطعا ، كالدينار الذي ضربه المستعصم ، أو ضربه المكتفى ، فان الأول [1] كان على وزن عشر غرامات ، والثاني [2] على وزن 5 غرامات أو كالدرهم الذي ضربه القادر ، فإنه كان على وزن 75 / 5 [3] من الغرمات . كما يشاهد الجميع في الأشكال السابقة ، مع إنا قد نقلنا فيما سبق [4] تصريح جمع من الباحثين عن النقود ، بأن أهل مكة بصورة خاصة أو عامة أهل الحجاز كما صرح به أيضا غير واحد منهم كانوا لا يتعاملون في الجاهلية بدنانير قيصرية ، ودراهم كسروية ، إلا أنها تبر ، وكانوا يزنون الذهب بوزن يسمونه دينارا ، ويزنون الفضة بوزن يسمونه درهما ، فلما جاء الاسلام ، أقر النبي صلى الله عليه وآله وسلم ذلك وكذا من بعده من الخلفاء . فالدينار ، والدرهم وان كانا اسمين لمضروبين من الذهب والفضة كما سمعت سابقا [5] من غير واحد من أهل اللغة ، إلا انهما يطلقان على وزن خاص ، أي مثقال من الذهب ، ودرهم من الفضة ، وقد صرح البستاني في دائرة المعارف بان الدينار اسم لمضروب مدور من الذهب ، وفي الشريعة اسم لمثقال من ذلك المضروب ، فوزن الدينار الشرعي ، لا يختلف باختلاف أوزان النقود الذهبية في مختلف الأدوار ، كما أنه لم يختلف في جاهلية ولا إسلام ، وأما وزن الدرهم فهو وان اختلف وتغير عما كان عليه في الجاهلية ، لكنه استقر في الاسلام على وزن ستة دوانيق ، كل