ان هذا العين المذكور كان أصل اتخاذه من النحاس أيضا ، لقدم ورود هذه اللفظة في لسانهم . فإذا قلنا إن النقود سميت ( عينا ) لأنها كانت تضرب مدورة على شكل عين الحيوان ، قلنا : إن تاريخ النقود لا يوافق على هذا الامر إذ كان النحاس يوزن وزنا للتعامل به ، أو كان يقطع قطعا مختلفة الاشكال والحجوم . فلم يبق لنا الا ان ننظر إلى لغات الأقدمين من رومان ويونان ، لانهم من أقدم الأمم التي اتخذت النقود من المعدن ، ولا سيما من النحاس في أول الأمر - هل فيها ، لفظ يشبه حرفنا هذا حتى ندونه في أوضاع علم النميات ؟ - قلنا : نعم . وهو آهينس AHENUS ومعناه ( نحاسي ) ويقولون فيه أيضا آهينوس AHENEUS . ويريدون به : ما ضرب من النحاس نقودا ، كما أنهم سموا الجام الصغير من النحاس : آهلينلم AHENULUM ، وسموا القدر : آهينم AHENUM ، وهذه الكلمة تشبه أيضا ما عندنا من الألفاظ الأخر وهى : مال عاهن : حاضر ثابت . وكذلك نقد عاهن . وحكى اللحياني : أنه لعاهن المال ، أي حاضر النقد . وقول كثير : ديار ابنة الضمري إذ حيل وصلها * متين وإذ معروفها لك عاهن يكون الحاضر والثابت . قال ابن بري ومثله لتأبط شرا : ألا تلكموا عرسي منيعة ضمنت * من الله أيما مستسرا وعاهنا أي مقيما حاضرا . . . وأعطاه من عاهن ماله وآهنه ، مبدل ، أي من تلاده . ويقال : خذ من عاهن المال وآهنه ، أي من عاجله وحاضره ) آه . نقلا من لسان العرب بنصه . والآهن ، بالمد وفتح الهاء : الحديد بالفارسية والآهين وزان آمين عند العراقيين العصريين : الحديد المصبوب ، وبالفرنسية FONTE . فهذه كلها ألفاظ تتقارب ، وتتجاوز في الجوهر أي في أنها مادة معدنية وتتجاوز أيضا في الحروف .
( 1 ) النقود العربية ص 149 و 150 عد من النقود القديمة