حد الاستهلاك ، فإنه لو فرض الكثير من البول كذا ، لصار طاهرا ، ولو عادت الأجزاء المستهلكة ، فصدق عليها البول - كما لو عادت الأجزاء من المتغير وصدق عليها المتغير - فإنهما في الفرضين نجس بالبداهة . فهذا الاحتمال ليس بعيدا جدا ، خصوصا بعد ما إذا راجعنا العرف والعادة في طهارة الأشياء المتنجسة ، من أن الماء بملاقاته لها ، وتحمله قذارتها ، وفراقه منها ، يورث رجوعها إلى الطهارة الخلقية الأولية ، وهذا في مطلق المائعات مما لا يتصور . وقد مر منا في مباحث المياه المضافة ، ما يتعلق بالمسألة ( 1 ) ، وحول النبوي هناك ، وفي ابتداء هذه المسألة أيضا من الاحتمالات الكثيرة فيه ، ولكنه غير خفي أن أظهرها ، ما يتعلق بمرامنا هنا . فبالجملة : بناء على تمامية هذه الشبهة ، يلزم القول بالاستهلاك في تطهير المياه النجسة ، ولا يكفي الاتصال ، ولا الامتزاج . وهذا ليس خرقا للاجماع بعد ما أشير إليه ، ويقتضيه إطلاق كلام القائلين باعتبار الامتزاج ، وإذا اقتضى الدأب والديدن في تطهير المتنجسات ، ذهاب النجاسة بالماء مع بقاء الذات ، فالتمسك بعمومات مطهرية المياه حتى لنفسها ، في غير محله ، لأن العرف لا يجد طريقا إلى تطهير الماء النجس - كالبول - إلا بالالقاء في الكثير الموجب لاستهلاكه .