ويكون من مصاديقه على ما تقرر منا في كيفية تفسير الأخبار من الآيات ، خصوصا بعد عدم ورود التطهير بالمعنى المفسر به لغة . المختار في معنى قوله تعالى : ( وثيابك فطهر ) والذي يظهر لي : أن الثياب المنجرة على الأرض ، كانت موجبة لنقل النجاسات والكثافات ، وتنجسه بالقاذورات ، وكانت موجبة للتفخيم والتكبر والمفاخرة والطمطراق فأمروا بالتطهير ، للزوم تقصيرها عادة ، فتقصيرها به لأجل تنجسه بعدم التشمير ، وما ورد في الروايتين يرجع إلى معنى واحد أيضا ، فبذلك يحصل الطهارة ، ويلزم عدم تنجسه الذي هو أيضا من الطهارة ، ولو لم يكن الأمر كما ذكر يلزم الاستعمال الغلط ، إلا بالالتزام بأن من معاني التطهير التقصير ، وهو بلا حجة . وربما يخطر بالبال : أن المراد من الآية تطهير النفس من الأدناس والأنجاس والأرجاس ، وهي كناية معروفة بين العرف والعرب ، ويعرب عنه كتب اللغة فراجع ( 1 ) ، وقوله ( عليه السلام ) : فسدلت دونها ثوبا ( 2 ) ف " الثوب " والثياب من الكنايات ، كما في الفارسية ، وعليه تسقط الآية عن صحة الاستدلال بها بعد هذا الاحتمال القوي جدا . وتوهم التنافي بين مفاد الروايات الواردة في ذيلها وهذا المعنى الكنائي ، ممنوع ، بل ظاهر بعضها يدل على ما أشير إليه ، فراجع .
1 - المفردات في غريب القرآن : 308 ، أقرب الموارد 1 : 719 . 2 - نهج البلاغة ، صبحي الصالح : 48 .