ثانياً : بيع الطافي من السمك : وبينما نجد أمير المؤمنين « عليه السلام » يقدم نصائحه ومواعظه للتجار في الأسواق ، سوقاً ، سوقاً ، فإنه حينما يصل إلى سوق السمك يصدر من موقعه الحكومي السلطوي مرسوماً قانونياً يقضي بمنع بيع السمك الطافي [1] في سوق المسلمين ، يقول النص التاريخي في وصف حركة أمير المؤمنين « عليه السلام » في الأسواق ، ونصائحه للتجار : « ثم مر مجتازاً بأصحاب التمر ، فقال : يا أصحاب التمر ، أطعموا المساكين ، يرب كسبكم » . « ثم مر مجتازاً ، ومعه المسلمين ، حتى انتهى إلى أصحاب السمك ، فقال : « لا يباع في سوقنا الطافي » [2] . فنجد : أن أسلوب كلامه ، قد تحول ليصبح وكأنه مرسوم حكومي يقضي بالمنع عن بيع الطافي في السوق ، ولا سيما بملاحظة قوله : « في سوقنا » . ولم يعد كلامه « عليه السلام » مجرد موعظة ، ونصيحة ، وإنما أصبح قانوناً حكومياً تدعمه السلطة والقوة من أجل تنفيذ وإجراء الحكم الشرعي الأولي ، فهو تدخل مباشر في المرحلة العملية ، لتنفيذ الحكم الشرعي ، وإجرائه . .
[1] الطافي : هو السمك الذي مات في الماء ، ثم طفا ، أي ظهر على وجهه . . [2] ترجمة الإمام علي « عليه السلام » ، من تاريخ دمشق ، بتحقيق المحمودي ج 3 ص 194 - 195 والبداية والنهاية ج 8 ص 4 والمناقب للخوارزمي ص 70 وملحقات إحقاق الحق ج 8 ص 663 وكنز العمال ج 15 ص 163 ، ورمز إلى : ابن راهويه ، وأحمد بن الزهد ، وعبد بن حميد ، وابن عساكر ، والشيخين ( أو البيهقي ) وأبي يعلى ، وحياة الصحابة ج 2 ص 625 . ومنتخب كنز العمال بهامش مسند أحمد ج 5 ص 57 .