نام کتاب : الروضة البهية في شرح اللمعة الدمشقية نویسنده : الشهيد الثاني جلد : 1 صفحه : 148
فكلما كان الإنسان فارغا لم يتسع فكره لأكثر من هم بطنه وشهوته كان جزءا مهملا على وجه الأرض . وكلما كان الإنسان هادفا في حياته إنسانيا في سلوكه ، حركيا عمليا يتوسع فكره لأكثر من نفسه ، ويتسع صدره لغير ( الأنا ) و ( الذات ) : كان أكثر تأثيرا في مصير الناس ، وبناء التاريخ ، وكانت النتيجة بجانبهم ولصالحهم ، وذلك لسبب بسيط ، فالذي يملك هدفا في الحياة لا بد أن يترك أثرا فيها ويطبع الحياة بطابع من هدفه بعكس الذي لا يملك هدفا ، فإنه لا يهمه أن يتحقق هذا الهدف ، أو لا يتحقق ويطبع الحياة هذا الطابع أو لا يطبعها ، وإنما الذي يهمه هو أن يرتع ويلعب ويخوض مع الخائضين ويعبث مع العابثين . وطبيعة هذه الحياة غير الهادفة تنتهي بالشخص إلى الضياع بعكس الذين يملكون هدفا في الحياة فلا يمكن أن يضيعوا ، ولا يمكن أن تغطيهم الاتجاهات الأخرى ، ولا يمكن أن يقضي التاريخ على معالمها وملامحها . وبهذا الشكل نجد أن لا تعارض هناك بين الإنسان الهادف ، والإنسان غير الهادف ، وأن الإنسان الهادف ، يشق طريقه من بين صنوف غير الهادفين ، ولذلك فالعاقبة دائما لصالح العاملين الصالحين ، والنتيجة لهم ومهما تحملوا من عناء ، ومهما وجدوا أذى ، ومهما لاقوا من محن ، ولأمر ما قال الله تعالى : إن الأرض لله يورثها من يشاء من عباده والعاقبة للمتقين [1] . وهذا ما يدفع العاملين أن يخوضوا ميادين الكفاح والجهاد ، ولا يفكروا في راحة وسكون ، فالراحة والنعيم والسكون والهدوء لم تخلق لهم .