حجيته ، ولذا لا يرضون بثبوت حجية الإجماع من الظواهر من الكتاب والسنة ، قائلين بأن الظواهر ليست بحجة ظاهرا إلا بدليل ، ولا دليل سوى الإجماع ، فيلزم الدور . . إلى غير ذلك مما لا يخفى على الماهر في أصول الفقه . وأيضا ، الحكم الشرعي ليس إلا ما صدر من الشرع ، وحكم المجتهد صادر عن المجتهد ، وهو ليس بشرع . نعم ، في ظنه أنه من الشرع والظن لا يغني من الحق شيئا [1] ، مع أن أحكامهم في الغالب متغايرة ، بل متضادة ، فلا يكون المجموع مظنونا . وأيضا ، حكم الشرع ليس إلا منه [2] ، وظن المجتهد ليس إلا من المجتهد ، مع كونه ظنا . فكون أحدهما عين الآخر فاسد جزما ، وكونه بحسب مكان الآخر شرعا ويكفي عوضا له يتوقف على الدليل . وأيضا ، لولا الدليل على كون ظن المجتهد حجة للعامي لكان مثل الظن الحاصل من الرمل والأسطرلاب وقول الفاسق الجاهل وقول النساء ، ألا ترى أن النساء ربما يحصل لهن ظن من قول النساء أقوى من الحاصل من قول المجتهد ؟ ! وكذا الرستاقي [3] من قول الرستاقي . . وهكذا . وأيضا ، كما قال الميت : إن الحكم كذا ، قال : إن الميت لا قول له ، فإن كان قوله حجة فقوله ليس بحجة ، بل هو وسائر المجتهدين اتفقوا في ذلك ، حتى أنهم
[1] إشارة إلى الآيتين الكريمتين : يونس ( 10 ) : 36 ، النجم ( 53 ) : 28 . [2] في ب : ( ليس إلا حقا ومن الشارع ) . [3] الرستاقي : هو المنسوب إلى الرستاق ، وهو السواد والقرى . لاحظ ! القاموس المحيط : 3 / 243 ، لسان العرب : 10 / 116 .