والحاصل ، أن تحقق الحرج أمر على حدة ، فإذا تحقق أمكن الحكم بعدم الحرج . فإن قلت : غالب الأوقات لا يتحقق مجتهد يقلد بغير واسطة أو بواسطة . قلت : حاله حينئذ حال من خالف عبادته للواقع ، فما تقول هناك يقول الفقهاء هاهنا . مع أن الغالب عدم موافقة عبادة الجاهل للواقع ، وأقل ذلك أن يتحقق منه رياءا أو سمعة ، أو غير ذلك مما هو مبتلى به غالبا ، ويصعب الخلاص ويخفى طريقه . مع أن [1] غالب المسائل الفقهية محل الخلاف بين الفقهاء ، فيشكل الحكم بالصحة عند جميع الفقهاء ، والصحة عند بعض كيف تكون كافية مع عدمها عند بعض ؟ ! وليس حال هذا حال تقليد بعض الفقهاء ، لما فيه من الدليل القطعي ، بخلاف ما نحن فيه ، فتأمل جدا ! مع أن العبادة ما وافقت الواقع ، بل وافقت ظن المجتهد ، بل وفي الغالب وافقت ظن بعض المجتهدين دون بعض ، بل وظن ذلك البعض حين حكمه بإصابته للواقع عنده وبحسب ظنه ، واعتبار مثل هذا شرعا يحتاج إلى دليل شرعي ، وهو منتف ، وقياسه على ارتكاب العمل تقليدا للمجتهد قياس مع الفارق بحسب الظاهر ، مع أن القياس غير حجة عندنا . فالعمدة ، شمول ما دل على حجية ذلك لما نحن فيه ، وهو أول الكلام وعين الدعوى ، بل الظاهر أنه ليس كذلك ، للإجماع [2] هناك وعدمه هنا ، لو لم يكن
[1] في ب : ( على أن ) . [2] في ألف : ( بالإجماع ) .