وأعجب من ذلك أنه تعالى منع عن الحيلة ، بل وجعل مرتكبيها قردة خاسئين ، وجعل ذلك نكالا للعالمين ، وموعظة للمتقين ، ورسوله ( صلى الله عليه وآله ) صرح بالمنع عن استحلال الربا بالبيع ، وأخبر بأنه سيحدث ذلك من المبتدعين في الدين . . إلى غير ذلك مما مر . وظهر عن الأئمة ( عليهم السلام ) أيضا ما ظهر من حرمة اشتراط ما زاد على مثل الذي أقرض أي شرط يكون ، بل وحرمة اشتراط الهبة والعارية والبيع المحاباتية ، وغير ذلك مما مر . والفقهاء أيضا ظهر منهم ما ظهر ، والشواهد أيضا قد كثرت على ذلك ، على حسب ما مر الإشارة إلى بعض منها ، وسيجئ أيضا ، وربما يحصل من ملاحظتها القطع ، بل وأن هؤلاء استحلوا الربا وحرموا بعض الألفاظ والعبارات . هذا ، وإن كان ورد عنهم ( عليهم السلام ) بعض ما لعله ظاهر في التجويز أيضا ، إلا أنك ستعرف ما فيه . مضافا إلى أن أحدا من الفقهاء لم يفت بالجواز ، بل اتفقوا على المنع ، وأن المراد من ذلك الخبر غير ما نحن فيه ، كما ستعرف . فلو كان الربا مختصا بالمنفعة التي لا تكون معاملة ، لصار الأمر من الله تعالى ورسوله ( صلى الله عليه وآله ) والأئمة ( عليهم السلام ) وفقهائهم بخلاف ما ذكره البتة ، وكذلك صار المسلمون في الأعصار والأمصار يرتكبون على قياس ما ذكر في جريان الربا في غير البيع والقرض . وأما الحيلة لمجرد تصحيح المعاملة - لا لتحصيل الزيادة - فهي مما لا يرغب إليها آكلوا الربا ، لأن غرضهم من الربا تحصيل الزيادة في المال ، وقد عرفت