معتبرا فيه ، على قياس ما قلتم في انحصار التقليد في الحي . وكذا الحال بالنسبة إلى غير العدالة من الأمور التي يحتاج إليها شرعا ، حتى أنه يلزم مما ذكرتم عدم الحاجة إلى وجود الإمام والحجة بعد الرسول ( صلى الله عليه وآله ) ، بل صح ما ذكره الثاني بقوله : ( حسبنا كتاب الله ) [1] ، وما ذكره العامة بقولهم : ( حسبنا الروايات والاجتهادات ) [2] ، وأين هذا من قولكم : حسبنا الاجتهادات المكتوبة وكتب الأموات ؟ ! فإنه أردأ مما قالوا ، بل يلزم مما ذكرتم عدم الحاجة إلى الرسول ( صلى الله عليه وآله ) أيضا . وبالجملة ، ما ذكرتم بعينه هي الشبهة التي يوردها العامة علينا بسبب قولنا بأنه لا بد في كل عصر من وجود حجة على الناس [3] ، كما لا يخفى على من تأمل وأمعن نظره . وأيضا ، حال فروع الدين ليس بأشد من حال أصول الدين ، فما تقولون في حال الأقطار والأمكنة التي ليس فيها من يعلم أصول الدين ، مثل البوادي والقرى والجبال والأمصار الواقعة في بلاد الكفر أو الضلالة ، فإن غالب الناس من الأعراب والأتراك والأكراد والألوار وأهل القرى والدساكر ، وكذا أهل السند والهند والروم ، وغيرهم من سكنة بلاد الإسلام ، ليس عندهم من يعلمهم أصول الدين ، فضلا عن بلاد الكفر والضلالة ؟ ومنهم من فهم من يعلم لكن لا يعلم أيضا إما خوفا أو تملقا أو مظنة أنهم لا يسمعون قوله ، أو لعدم مبالاتهم بالدين .
[1] لاحظ ! صحيح البخاري : 5 / 138 و 8 / 161 . [2] أنظر : عدة الأصول - المطبوع الحجري - : 2 / 293 ، جامع بيان العلم وفضله : 358 باب اجتهاد الرأي على الأصول عند عدم النصوص . [3] لاحظ ! شرح المقاصد للتفتازاني : 5 / 241 .