مع أنه ، على فرض تسليم الغلط الواضح من وجوه كثيرة لا تحصى ، وأنه [1] في خصوص " التهذيب " كان قائلا بالحرمة ، فلا شك في رجوعه عنه في جميع كتبه ، بحيث لم يعتن بشأنه أصلا إلى أن ترك ذكره بالمرة حتى في مقام المستحبات والمكروهات ، بل في مقام احتمال الاستحباب والكراهة ، فليس ذلك إلا لكمال ظهور خطئه إلى أن لم يستأهل للإشارة إليه في مقام من المقامات ، مع كون عادته كمال الاحتياط في الفروج ، وكمال المسامحة في المستحبات والمكروهات ، وكمال اعتنائه بشأن أخبار الآحاد ، وغير ذلك ، ومع جميع ذلك صدر منه في جميع كتبه ما صدر ، فتدبر ! ثم إنه قس على كتاب الشيخ كتاب " المختلف " و " المنتهى " وأمثالهما من كتب الفقهاء التي ذكروا فيها الأقوال وإن كانت شاذة ، بل وخالية عن المستند بالمرة ، فضلا [ عن ] أن يكون مستنده رواية . فبملاحظة مجموع الكتب المذكورة يحصل القطع بعدم قول بالحرمة أصلا ورأسا ، فلو كانت الرواية المذكورة قطعية الصدور حجة - كما ادعاه المستدل - كيف صار الحال فيها بذلك المنوال ؟ ! فإن غالب الأخبار الضعاف الموهنة بالموهنات الظاهرة لم يصر بهذا الحال . فإن قال قائل : لا نفهم كثيرا مما تقول ، لأن الحديث الذي رواه شيخ منا [2] يكون مأخوذا من الأصول القطعية الصدور عن الأئمة ( عليهم السلام ) ، وما صدر من الفقهاء المتأخرين والقدماء لعله اجتهاد منهم ، فيجوز خطؤهم وإن اتفقوا كل الاتفاق . نقول له : إذا جاز الخطأ عليهم في حال إجماعهم ، وأنهم أجمعوا على الخطأ ،
[1] في النسخ الخطية : ( واححه انه ) - بدون تنقيط - والظاهر أن الصواب ما أثبتناه . [2] كذا ، والظاهر أن المراد : ( الحديث الذي رواه الشيخ هنا ) .