عن اشتراط العصمة في المجتهد ، وعدم العمل بالأدلة الظنية ، وسد لباب الأحكام الفقهية ، ومع ذلك ترجع إلى أن المجتهد قوله ليس بحجة أصلا ، لا أنه حجة مطلقا سواء كان حيا أو ميتا . وثالثا : إن المعتبر على ما ذكرت هو الدليل الشرعي والمطابقة له ، فالعامي أيضا لو وافق قوله الدليل يكون حجة ، بل الفاسق ، بل الكافر ، بل الذاهل ، بل الهازل ، بل النائم ، بل السكران ، بل المجنون ، بل الذي يقول بقول عنادا ، أو رد قول الله ورسوله فاتفق الموافقة . والحاصل ، أن الاعتبار لو كان بالدليل الشرعي والموافقة له [1] ، فالأمر على ما ذكره من عدم الفرق بين الحي والميت ، لأن الدليل الشرعي لا يموت أبدا ، بل هو حجة مطلقا - يموت القائل بالقول الموافق له أم لا يموت - . فإن جعلت حجية قول المجتهد عبارة عن الموافقة للدليل ، فالأمر على ما ذكرنا من عدم الفرق بين المجتهد وغيره ممن أشرنا . وكذا لو جعلت علة الحجية هي نفس تلك الموافقة ، لعدم جواز تخلف المعلول عن العلة . وإن جعلت علة الحجية كونه ظن المجتهد ، أو جعلته جزء العلة ، فلا وجه للحكم ببقاء الحجية بسبب بقاء الدليل الشرعي وحجيته ، إذ لا كلام ولا تأمل لأحد في بقاء الدليل وبقاء الحجية ، وقد أشرنا إلى أن موت المجتهد ينفي ظنه ، بل قد عرفت أن مع فرض بقاء ظنه لا يكون حجة . ورابعا : قد عرفت أن المراد بحجية قول المجتهد حجيته على نفسه وعلى مقلده خاصة .
[1] في ألف ، ج ، د : ( بالدليل الشرعي في الموافقة ) .