المتواترة من بقاء أحكام الشرع النبوي في أمته إلى يوم القيامة [1] ، مع أنه يجوز أن يكون تركه أيضا خطأ ، فكيف يترك ؟ سيما وأن الراجح أنه خطأ ، بل القطعي . والقول بأنه يترك حينئذ ما ظهر لديه أنه حكم الله ويعمل بغيره وهو الذي ظهر عنده أنه ليس حكم الله ، فساده أيضا واضح . فتعين أن يكون حكم الله الظاهري في حقه هو الذي فهمه ، وظهر لديه أنه هو ، فيكون صوابا دائما وإن احتمل الخطأ بالنسبة إلى الحكم الواقعي . ومن أراد أوضح مما ذكرنا ، والشرح التام والبسط البالغ ، فعليه برسالتنا في الاجتهاد والأخبار [2] . فإن قلت : إذا لم يمكن الاحتياط ، فالأمر على ما ذكرت ، وأما إذا أمكن ، فعليه الاحتياط ، لا الأخذ بما يترجح لديه . قلت : فيما يتأتى فيه الاحتياط يحكمون فيه بالاحتياط ، إلا أنه ظهر لديهم أن الاحتياط ليس بواجب إلا في مواضع خاصة ، وأما في غيرها فمستحب . حكموا بما ظهر لديهم ، لما ظهر عندهم من تحريم الحكم بخلاف حكم الشرع ، وقد ظهر لهم أن حكم الشرع عدم الوجوب ، فكيف يمكنهم الحكم بالوجوب والإلزام بالالتزام في العمل ؟ ! ولذا اتفق المجتهدون والأخباريون على وجوب الاحتياط حينئذ ، والباقون على العدم . وبالجملة ، هذا أيضا نوع اجتهاد ، والمسألة اجتهادية . وإن أردت الحقية والصوابية بالنظر إلى الحكم الواقعي ، فهو عبارة أخرى
[1] لاحظ ! المحاسن للبرقي : 1 / 420 الحديث 963 ، الكافي : 2 / 17 الحديث 2 ، بحار الأنوار : 2 / 260 الحديث 17 و 11 / 56 الحديث 55 و 16 / 353 الحديث 38 و 47 / 35 الحديث 33 . [2] الرسائل الأصولية : 5 - 229 .