السفر أقل من ثواب الفطر فيه ، بأن يجعل الأقلية بالنسبة إلى الفطر الذي كان من قصد صاحبه الصوم لو لم يكن الحكم كذلك . قلت : على هذا لم يكن إطلاق المكروه عليه بالمعنى المصطلح ، إذ ليس حينئذ ترك الصوم مطلقا خيرا منه ، بل تركه على نحو خاص ، بل ليس ذلك إلا القول بأن معنى كراهته بمعنى أقلية ثوابه بالنسبة إلى أمر آخر بدل منه ، فتأمل . ثم إن بعض الأعاظم حقق أن الكراهة في العبادات بالمعنى المصطلح بمعنى أن تركها راجح على فعلها ، ووجه بأن في جميع العبادات المكروهة يكون أصل العبادة - من حيث هي - راجحة على عدمها ، ولكن يقارنها خصوصية يكون عدمها راجحا على وجودها ، ورجحان عدم الخصوصية على وجودها راجح على وجود رجحان أصل العبادة على عدمه ، ولذلك صارت مكروهة ، فإذا ترك الصلاة في الحمام - مثلا - يترتب ثواب على ترك الخصوصية ويفوت عنه ما هو بإزاء أصل الصلاة ، وإذا صلى في الحمام كان على عكس ذلك ، فأدرك الثواب الذي بإزاء نفس الصلاة وفات عنه ما هو بإزاء ترك خصوص الفرد . وحينئذ ، فربما كان الثواب المترتب على عدم الخصوصية أزيد من الثواب المترتب على وجود نفس العبادة ، ولذلك وقع النهي عنها وارتكب الأئمة ( عليهم السلام ) ترك تلك العبادة ، لتحصيل تلك الفضيلة والزيادة وإن فات به ثواب آخر مترتب على نفس الفعل لكنه أقل منه . وبالجملة ، فيظهر منه : إن اعتقد أن فعل العبادة المكروهة سيكون له ثواب وإن ترك يكون له ثواب أكثر منه ، ولعل هذا لا يخلو عن بعد ، بل الظاهر أن الثواب على ترك المكروه إنما هو من حيث أنه ترك ، ويكون بإزاء كراهة الفعل ، كوقوع الصوم في السفر - مثلا - بما لا يقابل ثواب أصل الصوم بل يبقى مع