إذا عرفت هذا ، فاعلم أن السكر ليس مقصورا فيما ذكره المتأخرون من أنه لا يعرف السماء من الأرض ، وأمثال ذلك ، بشهادة الأخبار والعرف واللغة والاعتبار وقول الأطباء . . أما الأخبار ، فبما رواه أبو الجارود ، عن الباقر ( عليه السلام ) " عن النبيذ ، أخمر هو ؟ قال : ما زاد على الترك جودة فهو خمر " [1] . وفي توقيع الصاحب ( عليه السلام ) : " إذا كان كثيره يسكر أو يغير ، فقليله وكثيره حرام " [2] . وما رواه السكوني عن علي ( عليه السلام ) أنه أتي بشارب الخمر فاستقرأه ، فقرأ القرآن ، فألقى رداءه في أردية الناس ، فلم يخلصه فحده [3] . وأما العرف ، فيقسمون السكر إلى مزيل العقل وغير مزيل ، والفقهاء أيضا قسموا ذلك ، منه في تزويج السكران نفسه [4] . وربما ترى بعض السكرانين حركاتهم وكلماتهم مضبوطة وشعورهم بحالة بحيث يكون الجاهل بحاله يعتقد عدم سكره ، لكن تصدر منه اختلالات دقيقة يسيرة [5] ، والعارف بحاله يقول : هذا من سكره .
[1] الكافي : 6 / 412 الحديث 5 ، وسائل الشيعة : 25 / 343 الحديث 32080 . [2] الاحتجاج للطبرسي : . . ، وسائل الشيعة : 25 / 383 الحديث 32184 . [3] من لا يحضره الفقيه : 4 / 53 الحديث 191 ، تهذيب الأحكام : 10 / 97 الحديث 376 ، وسائل الشيعة : 25 / 237 الحديث 34649 ، وفيها : ( أنه أتي بشارب الخمر واستقرأه القرآن فقرأ ، فأخذ رداءه فألقاه مع أردية الناس وقال له : خلص رداءك ، فلم يخلصه ، فحده ) . [4] لاحظ ! مختلف الشيعة : 2 / 538 ، نهاية المرام : 1 / 30 . [5] في النسخ : ( يشيره ) ، والظاهر أن الصواب ما أثبتناه .