إسم الكتاب : الرسائل الأحمدية ( عدد الصفحات : 417)
وأمّا الثاني فلأنّ الصغيرة ذنبٌ موجبٌ لدخول النار ، ولأنّه عصيانٌ للملك القهّار ، كما في الخبر : « لا تنظر إلى ذنبك ولكن انظر إلى مَنْ عصيت » [1] ، ولأنّه « لا صغيرة مع الإِصرار ، كما لا كبيرة مع الاستغفار » [2] . والجواب عن الثاني : بالمنع لدلالة الأخبار الكثيرة في تفسيرها بمَنِ ارتضى دينه لا مَنْ ارتضى فعله ، فيدخل الفاسق المؤمن وإِنْ ارتكب الكبائر لأنّ الإيمان بالمعنى العام هو التصديق بالله ورسوله وجميع ما جاء به ، وليست الأعمال الصالحة جزءاً منه كما هو المشهور في معناه لتكثّر عطف الأعمال عليه في الكتاب العزيز [3] ، مع أنّ العطف يقتضي المغايرة . ففي ( الصافي ) نقلًا من ( العيون ) عن الرضا عليه السلام في تفسيرها : « إلَّا لمن ارتضى الله دينه » [4] . وعن توحيد الصدوق عن الكاظم ، عن أبيه ، عن آبائه ، عن رسول الله صلى الله عليه وآله ، قال : « إنّما شفاعتي لأهل الكبائر من أُمّتي ، فأمّا المُحسنون منهم فما عليهم من سبيل » . قيل : يا ابن رسول الله ، كيف تكون الشفاعة لأهل الكبائر والله تعالى يقول : * ( ولا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضى ) * [5] ، ومَنْ يرتكب الكبيرة لا يكونُ مرتضىً ؟ . فقال : « ما من مؤمن يرتكب ذنباً إلَّا ساءه ذلك وندم عليه ، وقال النبيّ صلى الله عليه وآله : كفى بالندم توبةً . وقال صلى الله عليه وآله : مَنْ سرّته حسنة وساءته سيئة فهو مؤمن ، فمن لم يندم على ذنبٍ يرتكبُهُ فليس بمؤمن ولم تجب له الشفاعة ، وكان ظالماً ، والله تعالى ذكره بقوله : * ( ما لِلظَّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ ولا شَفِيعٍ يُطاعُ ) * » [6] . فقيل له : يا ابن رسول الله ، وكيف لا يكون مؤمناً مَنْ لم يندم على ذنبٍ يرتكبه ؟ .