كان ذميمَ المنظر ، حقيرَ الخطر ، وإِنّ الجاهلَ مَنْ عصى الله وإنْ كان جميلَ المنظر ، عظيمَ الخطر » [1] . وفيه نقلًا من ( روضة الواعظين ) : إنّ النبيّ صلى الله عليه وآله قيل له : ما العقل ؟ . قال : « العملُ بطاعةِ الله ، وإنَّ العمّالَ بطاعةِ الله هُمُ العقلاء » [2] . وفيه أيضاً - : إنّ النبيّ صلى الله عليه وآله مرّ بمجنون ، فقال : « ماله ؟ » . فقيل : إنّه مجنون . فقال : « بل هو مصابٌ ، إنّما المجنونُ مَنْ آثر الدّنيا على الآخرة » [3] . ألا ترى كيف وصفه بالجنون ؟ فيلزم اتّصافُه بالجهلِ بطريق الأولويّة . وفي صحيح عبد الله بن سنان ، قال : ذكرتُ لأبي عبد الله عليه السلام رجلًا مبتلىً بالوضوء والصلاة ، وقلتُ : هو رجلٌ عاقلٌ . فقال أبو عبد الله عليه السلام : « وأيّ عقلٍ له وهو يطيعُ الشيطان » . فقلتُ له : وكيف يطيع الشيطان ؟ . فقال : « سله ، هذا الذي يأتيه من أيّ شيء هو ؟ فإنّه يقولُ لك : عمل الشيطان » [4] . انتهى . فإذا كان المطيعُ للشيطان في الوسواس في الطَّهارة والصلاة مسلوباً عنه العقل ، فكيف بالمطيع له في جميع الحالات وفي قتل الأئمّة الهداة ؟ فقد ظهر ممّا تقرّر أنّه لا يسمّى عاقلًا ، لا شرعاً ولا لغةً . أمّا شرعاً فلما سمعت . وأمّا لغةً فلما تقرّر في علم المعاني : أنّ العالم غير العامل بعلمه ينزّل منزلة الجاهل لعدم [ جريه ] [5] على موجب علمه ، ومنه قولُه تعالى : * ( ولَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَراهُ ما لَهُ فِي الآخِرَةِ مِنْ خَلاقٍ ولَبِئْسَ ما شَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ لَوْ كانُوا يَعْلَمُونَ ) * [6] . فأثبت لهم العلمَ أوّلًا ، ثمّ نفاه عنهم أخيراً لعدم جريهم على مقتضى علمهم ، لأنّ مَنْ لم يجرِ على مقتضى علمِه لا فرق بينه وبين الجاهل لاشتراكهما في مخالفةِ الحقّ وانتفاء ثمرة العلم . وقد ينزّل وجودُ الشيء منزلةَ عدمه لعدمِ وقوعِهِ على وفق