قال شيخنا أبو جعفر الطوسي قدس سره في جُمَله وعقُوده ، في قسم المستحبّ : ( والجهر ببسم الله الرحمن الرحيم في الموضعين ) [1] ، يريد بذلك الظهر والعصر ، فلو أراد الأخيرتين من كلّ فريضة لما قال : ( الموضعين ) بل كان يقول ( المواضع ) . وأيضاً فلا خلاف في أنّ مَنْ ترك الجهر بالبسملة في الأخيرتين لا يلحقه ذمّ لأنّه إمّا أن يكون مسنوناً على قول في المسألة ، أو غير مسنون على قولنا ، وفي كلا الأمرين لا ذمّ على تاركه ، وما لا ذمّ في تركه ويخشى في فعله أنْ يكون بدعة ومعصية يستحق بها الذمّ ، ومفسداً لصلاته ، فتركه أوْلى وأحوط في الشريعة . وأيضاً ، فقد ورد في ألفاظ الأخبار عن الأئمّة الأطهار تنبيهٌ على ما قلناه ، أوْرَدَ ذلك حرِيز بن عبد الله السجستاني في كتابه وهو حريز ، بالحاء غير المعجمة ، والراء غير المعجمة ، والزاي المعجمة ، وهو من جملة أصحابنا ، وكتابه معتمدٌ عندهم ، قال فيه : ( وقال زرارة : قال أبو جعفر عليه السلام : « لا تقرأ في الركعتين الأخيرتين من الأربع ركعات المفروضات شيئاً ، إماماً كنت أو غير إمام » . قلتُ : فما أقول فيهما . قال : « إنْ كنت إماماً فقل : سُبحان الله والحمد لله ولا إلهَ إلَّا الله والله أكبر . ثلاث مرّات ، ثم تكبّر وتركع . وإنْ كنت خلف إمامٍ فلا تقرأ شيئاً في الأُوليين وأَنصت لقراءته ، ولا تقرأنّ شيئاً في الأخيرتين فإنّ الله عزّ وجلّ يقول للمؤمنين : * ( وإِذا قُرِئَ الْقُرْآنُ ) * يعني في الفريضة خلف الإمام : * ( فَاسْتَمِعُوا لَهُ وأَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ ) * [2] والآخرتان تبع للأوليين » . قال زرارة : قال أبو جعفر عليه السلام : « كان الذي فرض على العباد عشراً فزاد رسول الله صلى الله عليه وآله سبعاً ، وفيهن السهو وليس فيهن قراءة ، فمَنْ شكّ في الأُوليين أعاد حتى يحفظ ويكون على يقين ، ومَنْ شكّ في الآخرتين عمل بالوهم » ، فليلحظ قوله : « وليس فيهن قراءة » ) [3] انتهى كلامه رفع مقامه . أقول - ومن الله التوفيق لارتقاء سلَّم الوصول - : لا يخفى على مَنْ ذاق من حدائق