وأمّا النهي عن الصلاة خلف المأبون بالمعنى الذي ذكروه ، الشامل للعيب الخُلُقي والخَلْقي فموضع إشكال ، سيّما مع حمل النهي على المعنى الحقيقي ، والشمول لمطلق العيب ، إذ السلامة من سائر العيوب الخُلُقيّة والخَلْقيّة لا تحصل إلَّا للعترة المعصومة ، أو الأوحديّ من الشيعة الاثني عشريّة . ومَنْ ذا الذي تُرضى سجاياهُ كلُّها * كفى المرءَ نُبْلًا أنْ تُعدَّ معايبُه [1] اللَّهمَّ إلَّا أنْ يحمل النهي على المعنى المجازي ، فيوافقه عموم كلامَي شيخ ( التهذيب ) وسيّد ( المدارك ) . قال الشيخ قدس سره : ( ينبغي أن يكون الإمام مبرّءاً من سائر العاهات ، وهذا على الاستحباب ) [2] . . إلى آخره . وقال السيِّد قدس سره : وكذا الكلام في جميع المراتب ، لا يؤمُّ الناقص فيها الكامل ) [3] . انتهى . أو يحملُ النهي على العيوب المنافية للعدالة ، أو النهي عن الاقتداء بالمبتلى بها على الخصوص ، كالجذام والبرص الخَلْقِيّين أو الحادثين ، وغيرهما . ويحتمل احتمالًا راجحاً ، بل هو الأظهر أنْ يكون المرادُ بالمأبون : مَن به داء الأُبْنَةِ ، وهي الغدّة التي تكون في أدبار بعض الأشخاص ، كما رواه الشيخ في ( التهذيب ) عن علي عليه السلام ، قال : « إنّ لله عباداً لهم في أصلابهم أرحامٌ كأرحام النساء » . قال : فمالهم لا يحملون منها ؟ قال : « لأنّها منكوسة ، ولهم في أدبارهم غدّة كغدّة البعير ، فإذا هاجت هاجوا ، وإذا سكنت سكنوا » [4] . انتهى . وهي الآفة التي في الثاني ، كما اعترف به شيعته ، قال السيوطي في تعاليقه على القاموس نقلًا عنه عند تصحيح لغة الأبنة : ( وكانت في جماعة في زمن الجاهليّة ، أحدهم سيّدنا عمر ) . وقال ابن الأثير أيضاً : ( زعمت الروافض أنّ سيّدنا عمر كان
[1] جمهرة الأمثال 2 : 226 / 1921 ، من غير نسبة لأحد . [2] مدارك الأحكام 4 : 349 . [3] التهذيب 10 : 52 - 53 / 195 ، الوسائل 20 : 335 ، أبواب النكاح المحرّم ، ب 8 ، ح 4 . [4] إشارة منه رحمه اللَّه تعالى إلى ما بدأ به من إيراد الروايات في ص 305 .