عليه أنّه إذا صلَّى بالناس جهر بها ، فيدلّ على أنّه إذا قرأ جهر بها على جهة العموم . ويؤيّد ما قلناه من أنّ المراد بالسورة هنا الفاتحة أمران : الأوّل : عدم ذكر الفاتحة بالكلَّيّة ، كما لا يخفى على ذي ملكة قدسيّة ، وعناية ربانيّة ، مع أنّه لا صلاة إلَّا بها ، كما نطقت به الأخبار المعصوميّة [1] . الثاني : ما في صحيح زرارة الآتي ، من قوله فيه : « وإذا قرأ بسم الله الرحمن الرحيم نفروا وذهبوا ، فإذا فرغ منها عادوا واستمعوا » [2] . 6 - ومنها : ما رواه المحدّثان المذكوران في الكتابين المزبورين ، نقلًا من تفسير الثقة الجليل علي بن إبراهيم القمّي ، أنّه قال : « كان رسول الله صلى الله عليه وآله إذا صلَّى تهجّد ، وتسمع له قريش لحسن صوته ، فكان إذا قرأ بسم الله الرحمن الرحيم فرّوا عنه » [3] . أقول : لا يخفى على المتفنّن الماهر ما في هذا الخبر كسابقه من العموم الظاهر ، والتقريب فيه من وجهين : الأوّل : إنّ قوله : « فكان إذا قرأ . . » إلى آخره ، إخبارٌ عن السماع ، وليس المراد من الجهر إلَّا إسماع الغير ، إذ لو أسرّ بها لم يعلم أنّه قرأها أوّلًا . الثاني : إنّ فرارهم عند قراءتها دليلٌ على الجهر بها ، إذ لو لم يجهر بها لم يفرّوا عنه . فإنْ قيل : إنّ أخبار جهر النبيّ صلى الله عليه وآله بها في هذا وغيره من الأخبار لا دلالة فيها على الجهر بها في الأخيرتين لاحتمال كون صلاته ثنائيّة ، بقرينة كونه في مكَّة قبل فرضه الزيادة على الركعتين . قلنا : لو سلَّم ذلك فخصوص المورد لا يخصّص الوارد ، فهذا الإيراد غير وارد . 7 - ومنها : ما رواه علي بن إبراهيم بن هاشم في تفسيره ، بأسانيد متعدّدة ، عن عمر بن أُذينة ، عن الصادق عليه السلام ، أنّه قال : « بسم الله الرحمن الرحيم أحقّ ما يجهر بها ، وهي الآية