المرحوم : ( وطريق العلم بالإجماع تتبّع الفتوى والعمل ، والنقل المتواتر ، والمحفوف بقرائن العلم ، وتصفّح الأخبار والآثار ، وكثرة المزاولة ، وطول المراجعة ، وتواتر الخلف عن السلف ، وتناول الأثر يداً بيد ، وحصول التسامع والتضافر بالتدريج ) [1] . ولا يخفى على مَنْ نظر بعين الإنصات والإنصاف ، وتنكَّب طريق الاعتساف ، تحقّق هذا الطريق في ما ندعيه بأوضح طريق ، إذ وقع الاتّفاق على الجهر في الزمن السابق ، ولم يُنقل الخلاف في الزمن اللاحق إلَّا عن ابن إدريس ، مع العلم بأنّ مستنده غير مطابق ، فلا يخلّ بالإجماع ، كما لا يخفى على متتبّعٍ حاذقٍ . ولا تزال تسمعهم يقولون : ولا عبرة بخلاف فلانٍ وفلانٍ وفلانٍ لمعروفيّة نسبهم ، وسبق الإجماع عليهم ، وتأخّره عنهم ، كما وقع لهم في دعوى الإجماع على وجوب الإخفات بالتسبيح في الأخيرتين ولم يعتبروا بخلاف ابن إدريس ، قالوا : لسبق الإجماع عليه ، وتأخّره عنه [2] . وليت شعري ما الفارق بين الخلافين ؟ مع اعتضاد هذه الدعوى بوفاق ابن الجنيد [3] ، والشيخ [4] ، والسيّد المرتضى [5] ، فلينظر الناقد البصير ، ولا ينبّئك مثل خبير . فإنْ قيل : إن عبارة ( الذكرى ) [6] ، و ( التذكرة ) [7] ، و ( المعتبر ) [8] ، و ( مجمع البيان ) [9] من قبيل حكاية الإجماع التقييدي ، الذي لا يعلم منه إرادة الإمام ، فلا يكون دليلًا في المقام . قلتُ : أما على ما استظهره البعض من أنّ سيرة الفقهاء الثقات عدم فرقهم في بيان الإجماعات من تلك العبارات ، فظاهرٌ لذي التفات ، وأمّا على ما حقّقه بعض المحقّقين من مشايخنا المعاصرين فلأنّ ظاهرهم أنّهم إنّما يريدون بالفرق بين تلك